مقالات

وماذا بعد حادث الإسماعيلية ؟!

بقلم سماح سعيد:

انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة القتل بصورة تكاد تذهب العقل، الكثير منها إما لأسباب تافهة وأخرى لمشكلات عويصة ، وايا كانت الدوافع فإن القتل وازهاق الروح هو جريمة لا تغتفر سواء فى الدنيا أو فى الآخرة فقد نهانا الله عز وجل عن ذلك فى الآية ٣٢ من سورة المائدة ( من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا )، ولكن علينا تحليل تلك الجرائم وتصاعد وتيرتها بشكل غير مسبوق فى المجتمع المصرى لنتساءل  كيف وصلنا لهذا الانهيار المجتمعى ؟وما الأسباب؟وهل من الممكن رأب صدع مجتمعنا والوصول به إلى بر الأمان؟أم أننا فى نهاية المطاف لنعلن وفاة المجتمع وانهيار اخلاقياته ومبادئه وقيمه ومعتقداته وتراثه؟ .

 

فلنبدأ من الأسرة وهى اللبنة الأولى لتأسيس المجتمع، و يؤسفني أن أعترف أن غالبية الأسر أصبحت لا تهتم بالتربية بل أصبح شغلها الشاغل التعليم للحصول على شهادة من أجل العمل ، فالأم حتى وان كانت ربة منزل تترك الطفل أمام شاشات التلفاز دون أن تهتم بتثقيفه أو زرع الاخلاقيات الحميدة بداخله ودون مراجعة ما يشاهده الطفل من هل هى برامج تثقيفية أم إنها وجبات إعلامية مسمومة تأخذ منه بدلا من أن تعطيه .

 

أما الأم فقد اقتصر دورها على الأعمال المنزلية أو ضياع معظم وقتها مع صديقاتها أو جيرانها أو أقاربها أو مشغولة بوسائل السوسيال ميديا ، فعلى سبيل المثال عندما تحدث مشكلة مع زملائه فى المدرسة تردد بعبارة غاية فى الخطورة وهى (اللى يضربك اضربه) دون إدراك منها انها تزرع و تغذي  العنف لدى الطفل تجاه من حوله بل وتجاهها مستقبلا ، تلك العبارة كفيلة أن تخرج لنا مشروع مجرم أن لم يقتل فسيسرق وأن لم يسرق سيصبح منحل اخلاقيا ، لإنها ضربت بكل الأعراف المجتمعية عرض الحائط معلنة أنه لا صوت يعلو فوق صوت ذراعك .

 

أعرف إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية قد تغيرت للاصعب ،حيث أصبح الأب والأم  منشغلين طوال اليوم خاصة إذا كانت الأم عاملة  لتدبير لقمة العيش وسد احتياجاتهم المنزلية والحياتية وتوفير حياة كريمة لهما ولأولاهما، ولكن علينا الاعتراف بقناعة أن أغلى وأهم الثروات التى يتركها الأهل لابنائهم هى التربية والأخلاق ثم التعلم وليست الأموال .

 

كتبت مقالى هذا بعد حادث الإسماعيلية المأسوى بعد ذبح رجل  وفصل رأسه فى وضح النهار على مرأي  ومسمع من المارة من قبل مجرم ، قيل عنه انه يتعاطى المخدرات وأيا كان حالته فهو وغيره من المجرمين يدقوا نواقيس خطر على المجتمع تهدده فى مقتل ولابد من التوقف لإعادة هيكلة المجتمع ودراسة مسببات الإجرام وهى  ، المخدرات،البطالة ، التفكك الأسرى، السوسشيال ميديا وما تضخه من إنحرافات أخلاقية عن عمد لتدمير هوية المجتمع وانفصال الأفراد داخل الأسرة الواحدة عن بعضهم وعن بيئتهم ليظل الفرد عبدا لتلك الوسيلة الشيطانية دون تعايش مع الواقع.

 

وكذلك الإعلام ودوره فى تشكيل سلوكيات الأفراد وتأثرهم به ومحاكاتهم له،  لذا يجب التوقف عن المسلسلات والأفلام التى تحض على العنف والكراهية والبلطجة والتى ذاع صيتها فى السنوات الأخيرة ويأتي ذلك من خلال عودة الدور الصارم للرقابة على المصنفات الفنية ، وكذلك العودة إلى الدين فى كل تصرفاتنا من خلال حملات التوعية والوعظ لتعظيم التقرب إلى الله ،وعلى الجهات التنفيذية القيام بدورها المنوط بها فى رد الحقوق والاعتبارات لأصحابها وعدم التخاذل ، وإلا سنقع فيما لا يحمد عقباه .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى