
شرم الشيخ / حوار سماح سعيد
على هامش فعاليات مؤتمر المناخ” COP27“،أثناء التجول داخل المنطقة الزرقاء التابعة للأمم المتحدة، حيث احتضنت أجنحة الدول العربية والأجنبية، سعى موقع “نافذة مصر البلد” لتسليط الضوء على زاوية جديدة لم تحظ بالاهتمام الكافي رغم أهميتها، وهي دور النباتات في مواجهة “التغيرات المناخية” من خلال التطور الجيني.
في هذا السياق، توجه فريقنا إلى جناح دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقبلونا بالترحاب والتعاون. وقامت إيمان أحمد، مسئولة العلاقات العامة بالجناح، بترشيح الدكتورة لينا مالوخ، أستاذة هندسة الجينات بجامعة زايد في دبي، لإجراء حوار صحفي حول هذا الموضوع الحيوي.
حصلت “مالوخ” على درجة الدكتوراه من جامعة Gent في بلجيكا، وقد ركزت رسالتها على تعديل بعض النباتات جينيًا لتصبح أكثر مقاومة للأمراض، بما في ذلك مرض السرطان.
شاركت فى العديد من الأبحاث في هذا المجال بمؤسسة “INRA”في فرنسا على مدار خمس سنوات، لتفتح آفاقًا جديدة لفهم إمكانيات النباتات في مواجهة التحديات البيئية والصحية.
وفيما يلي نص الحوار الكامل ، الذي يكشف عن الجوانب العلمية والابتكارية لدور النباتات في مواجهة تغير المناخ والتحديات الصحية.
▪︎ تدخل هندسة الجينات في تقديم حلول مبتكرة للعديد من المشكلات البيئية. فعلى سبيل المثال، يمكننا عبر تعديل النباتات جينيًا زراعة محاصيل مستدامة تقلل كمية الفاقد منها، بالإضافة إلى إمكانية تحسين بعض الأنواع لاستخدامها كوقود حيوي.
فبعض هذه النباتات تمتلك القدرة على تخزين غاز CO₂ في التربة دون أن يُعاد إطلاقه مرة أخرى إلى البيئة المحيطة، مما يسهم في الحد من التغيرات المناخية.
_ هل تقتصر هندسة التطور الجيني للنباتات على إنتاج بعض المزروعات لمواجهة المشكلات البيئية؟
▪︎ على الإطلاق، فهندسة الجينات لا تقتصر على إنتاج نباتات معدلة فقط،ففي الطبيعة توجد أنواع من البكتيريا التي تساعد على التخلص من الوقود المتسرب في البحار،بالإضافة الملوثات البلاستيك آحادى الاستخدام _غير القابل للتحلل_.
ومن خلال التطور الجيني، يمكن إنتاج أنواع محسنة من هذه البكتيريا تعمل على تحلل الملوثات بسرعة أكبر وفعالية أعلى، مما يعزز حماية البيئة بشكل مبتكر.
_ هذه قضية غاية في الأهمية، فلماذا لم تنل الاهتمام في جلسات ومحاور المؤتمر؟
▪︎ لفت انتباهي عدم اهتمام المؤتمر بهذا الموضوع الحيوي، فلم أر أحدًا يتطرق إليه رغم أهميته المستقبلية،حيث يبدو أن التركيز كان على الحلول التقليدية، بينما يمكن للتقنيات الجينية تقديم بدائل فعّالة ومستدامة.
_ ألا تزال هندسة الجينات بعيدة عن الأضواء وصناع القرار؟
▪︎ ليست بعيدة تمامًا، فهندسة الجينات موجودة منذ فترة طويلة وهناك العديد من الأبحاث المنشورة والتطبيقات العملية التي أثبتت جدواها، في مجالات البيئة وغيرها، يتم تقديم براءات اختراع للأفكار الجديدة، مما يتيح لها أن تتحول من البحث النظري إلى حلول ملموسة على أرض الواقع.
_إذن لماذا لم تهتم بعض الدول بهذا المجال؟
▪︎بعض الدول تتخوف من تجربة هندسة الجينات لعدم معرفتها الكافية بتفاصيلها، إذ يُعد الموضوع جديدًا بالنسبة لهم، ومع ذلك، أؤكد أن هندسة الجينات ستصبح من العوامل الرئيسية لمواجهة أزمة الغذاء مستقبلًا، خصوصًا مع تزايد عدد السكان عالميًا، فالنباتات المعدلة جينيًا قادرة على إنتاج خضروات وفواكه ومحاصيل مقاومة للجفاف والتقلبات المناخية، ما يضمن توفير الغذاء اللازم للبشر.
_ هل هناك أسباب أخرى تمنع بعض الدول من تطبيق هندسة التطور الجيني؟
▪︎ نعم، هناك دول تعاني من أزمات اقتصادية تمنعها من تطبيق هندسة الجينات رغم أن تكلفتها أقل مقارنة ببعض طرق التكيف مع التغيرات البيئية،و أخرى تلتزم بالزراعة التقليدية خوفًا من الفشل، بسبب قلة الوعي أو الاعتقاد أن التدخل البشري في الزراعة الطبيعية، خاصة الغذائية، قد يؤدي إلى أضرار صحية مستقبلية مثل السرطان.
_هل فعلاً هذه النباتات المعدلة آمنة على صحة الإنسان؟
▪︎ لا توجد أبحاث تثبت أن النباتات المعدلة جينيًا تسبب أضرارًا صحية مستقبلية للإنسان، من الممكن حدوث أضرار ضئيلة إذا تم إدخال الجين في منطقة غير مناسبة، وهو لم يحدث حتى الآن.
واوجه رسالة لكل مسؤول أو مواطن متخوف من هذا الجانب:” التوسع في علوم الجينات والهندسة الوراثية للنباتات هو المفتاح لمجابهة التغيرات المناخية والبيئية”.
_ما هو دور العلماء في إقناع المترددين والمتخوفين من الهندسة الجينية؟
▪︎ يمكننا مقارنتها بالعقاقير واللقاحات مثل لقاح فيروس كورونا (COVID-19)، الذي تم استخدامه بمجرد إنتاجه، رغم أن التأكد من عدم ظهور آثار جانبية عادةً يستغرق سنوات طويلة، وبالمثل، التغيرات المناخية تمثل خطرًا عالميًا حقيقيًا، يجعل من استخدام الهندسة الجينية للنباتات ضرورة ملحة وليست رفاهية اختيارية.
_من هي الدولة الأكثر اهتمامًا بتطبيق الهندسة الجينية للنبات على أرض الواقع؟
▪︎تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول التي طورت وطبقت الهندسة الجينية في الزراعة، حيث يصل معدل الأغذية المعدلة جينيًا لديهم إلى 90%، بما في ذلك محاصيل مثل الذرة وفول الصويا، في حين أن 10% من الأراضي الزراعية لم يتم تعديلها بعد.
كما تولي فرنسا ودول أوروبا اهتمامًا متزايدًا بهذا المجال، مع تنفيذ مشاريع زراعية جينية متقدمة على نطاق واسع.
_هل لديك أمثلة على نبات تم تطويره جينيًا وعاد بفوائد صحية بعد التعديل؟
▪︎من أبرز الأمثلة محصول الأرز البسمتي الأصفر “Golden Rice” في دول شرق آسيا، الذي تم تعديله جينيًا ليكون غنيًا بفيتامين A،وكان الهدف من ذلك مواجهة نقص هذا الفيتامين الذي أدى إلى إصابة الكثير من السكان بالعمى، نتيجة ارتفاع معدلات الفقر وعدم قدرتهم على شراء الخضروات والفواكه اللازمة لتغذيتهم.
_ في نهاية حوارنا، ماذا أضاف لكم مؤتمر المناخ COP27 في شرم الشيخ؟
▪︎قدم المؤتمر معلومات غزيرة من لقاءات الخبراء والمتخصصين المشاركين، لكن الأهم هو أن القضايا المطروحة تدق ناقوس الخطر للجميع للانتباه إلى آثار التغيرات المناخية وطرق مواجهتها.
بالاضافة الى تسليط المؤتمر الضوء على براعة مصر وقدرتها على التنظيم والريادة في رئاسة الفعاليات الدولية، ما يعكس مكانتها على الساحة العالمية في مجال البيئة والمناخ.








