“البكالوريا المصرية”.. إصلاح للتعليم أم عقاب للطلاب؟
بقلم: سماح سعيد
بعد شهور طويلة من النقاش والجدل المجتمعي، ومع تصديق مجلس النواب على تعديل بعض أحكام قانون التعليم رقم 139 لسنة 1989، باتت مصر على موعد مع محطة فارقة في تاريخها التعليمي، حيث تقرر رسميًا تطبيق نظام “البكالوريا المصرية“ اعتبارًا من العام الدراسي 2025/2026.
ورغم ما يحمله النظام الجديد من وعود بالإصلاح والتطوير، لا يزال كثير من أولياء الأمور يترقبون التجربة بقلق، خشية أن يتحول هذا التحول الجذري إلى عبء إضافي، خاصة في ظل استمرار الاعتماد على الدروس الخصوصية التي استنزفت ميزانيات الأسر لعقود طويلة.
وتثور تساؤلات مشروعة: هل ستنجح البكالوريا المصرية في معالجة أوجه القصور التي خلفها نظام الثانوية العامة التقليدية؟ أم أن التجربة ستفتح الباب أمام أزمات جديدة تزيد المشهد التعليمي تعقيدًا؟
وزارة التربية والتعليم أكدت أن النظامين – البكالوريا والثانوية العامة – سيظلان متاحين للطلاب دون تمييز، ليكون الاختيار حرًا ومجانيًا،غير أن الواقع كشف عن ممارسات مغايرة في بعض المحافظات مثل الجيزة والبحيرة، حيث تم إقصاء طلاب اختاروا الاستمرار في الثانوية العامة التقليدية، ومنعهم من الالتحاق بمدارسهم، في خطوة وصفها أولياء الأمور بأنها “عقاب” على خيارهم التعليمي، وهو ما يتعارض مع القانون وتوجيهات الوزير محمد عبد اللطيف.
ووفق تبريرات بعض وكلاء الوزارة، فإن رفض قبول هؤلاء الطلاب جاء بدعوى قلة أعدادهم، وأن كثافة الفصل لا ينبغي أن تقل عن 45 طالبًا. إلا أن الواقع يكشف عكس ذلك، حيث تخلو المدارس من الطلاب أصلًا منذ هذه المرحلة الفارقة بسبب الاعتماد الكامل على الدروس الخصوصية.
إن محاولات التضييق على الطالب في اختيار مساره التعليمي يمثل تهديدًا مباشرًا لنجاح التجربة قبل أن تبدأ، ويُفقدها مصداقيتها في أعين المجتمع،فالحرية اساس الإبداع، وهي الضمانة الحقيقية لتحمل الطلاب مسئولية قراراتهم،أما التعنت والتمييز فلن يؤدي إلا إلى فقدان الثقة في أي محاولة جادة للإصلاح، ليصبح النظام الجديد أسير صورة سلبية صنعها التطبيق الخاطئ لا الفكرة ذاتها.





