صورة ومعلومة..”الجزر الحرارية الحضرية”
كتبت سماح سعيد :
“الجزر الحرارية الحضرية” هي منطقة حضرية أو مدينة كبرى أكثر دفئًا من المناطق الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها. يكون الفرق في درجة الحرارة ليلًا أكبر منه خلال النهار، ويظهر بوضوح أكبر عندما تكون الرياح ضعيفة. تتجلى الجزر الحرارية الحضرية بوضوح أكبر خلال الصيف والشتاء، يُعد تعديل سطح الأرض السبب الرئيسي لحدوث تأثير الجزر الحرارية الحضرية، وتُعتبر الحرارة المهدرة الناتجة عن استخدام الطاقة مساهمًا ثانويًا في تأثير الجزر الحرارية الأرضية، كما يميل المركز السكاني خلال نموه إلى توسيع منطقته وزيادة متوسط درجة الحرارة فيه، ويُمكن استخدام مصطلح جزيرة حرارية أيضًا للتعبير عن هذه الظاهرة، أيضا يمكن استخدام مصطلح الجزر الحرارية الحضرية للإشارة إلى أي منطقة أسخن نسبيًا من المناطق المحيطة بها، ولكنها تشير عمومًا إلى المناطق ذات التدخل البشري.
يزداد معدل الهطولات المطرية الشهرية مع انخفاض الرياح في المدن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تأثير الجزر الحرارية الحضرية، وتطيل الزيادات الحرارية داخل المراكز الحضرية مواسم الزراعة، وتقلل من حدوث الأعاصير القمعية الضعيفة، كما تقلل الجزر الحرارية الحضرية من جودة الهواء بسبب زيادة إنتاجها الملوثات مثل الأوزون، وتقلل من جودة المياه أيضًا، إذ تتدفق المياه الدافئة إلى مجاري المنطقة المائية ما يجهد أنظمتها البيئية.
لا تمتلك جميع المدن جزيرة حرارية حضرية مميزة، إذ تعتمد خصائص الجزر الحرارية الحضرية بشدة على الخلفية المناخية للمنطقة التي تقع فيها المدينة. يمكن التخفيف من تأثير الجزر الحرارية الحضرية من خلال استخدام الأسقف الخضراء والأسطح ذات الألوان الفاتحة (الأسقف الباردة) في المناطق الحضرية، والتي تعكس ضوء الشمس أكثر وتمتص كميات أقل من الحرارة.
أُثيرت بعض المخاوف بشأن مساهمة الجزر الحرارية الحضرية المحتملة في ظاهرة الاحتباس الحراري، رغم عدم اكتشاف الخطوط البحثية أي تأثير مهم للجزر الحرارية الحضرية على المناخ، فقد خلصت دراسات أخرى إلى إمكانية تأثير الجزر الحرارية بشكل غير قابل للقياس على الظواهر المناخية على النطاق العالمي.
هناك عدة أسباب لحدوث ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية، فمثلًا تمتص الأسطح المظلمة الإشعاع الشمسي بشكل كبير، ما يتسبب في زيادة درجة حرارة التجمعات الحضرية للطرق والمباني خلال النهار بشكل أكبر من الضواحي والمناطق الريفية، حيث تمتلك المواد التي يشيع استخدامها في المناطق الحضرية للأرصفة والأسقف -مثل الخرسانة والأسفلت- جملة خصائص حرارية مختلفة اختلافًا كبيرًا عن خصائص المواد المستعملة في المناطق الريفية المحيطة (بما في ذلك الحرارة النوعية والناقلية الحرارية) والخواص الإشعاعية السطحية (الوضاءة والانبعاثية)، ويؤدي هذا الاختلاف إلى تغيير ميزانية طاقة الأرض في المناطق الحضرية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل أكبر من المناطق الريفية المحيطة بها، والسبب الرئيسي الآخر لهذه الظاهرة هو نقص النتح التبخري (من خلال نقص الغطاء النباتي على سبيل المثال) في المناطق الحضرية، حيث وجدت مصلحة الغابات الأمريكية في عام 2018 أن مدن الولايات المتحدة الأمريكية تفقد 36 مليون شجرة كل عام، ومع انخفاض كمية النباتات، تفقد المدن أيضًا الظل وتأثير التبريد التبخيري للأشجار.
يمكن تعريف الجزر الحرارية الحضرية بأنها إما فارق درجة حرارة الهواء (الجزر الحرارية الحضرية المقببة) أو فارق درجة حرارة السطح (الجزر الحرارية الحضرية السطحية) بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، يُظهر هذان التعريفان تقلبات نهارية وموسمية مختلفة قليلًا، بالإضافة إلى أن مسبباتهما مختلفة.