فلسفة الفساد
بقلم علاء الداودي:
دخل رجل على والده ” الفاسد ” و هو على فراش الموت .. قال : علمني يا أبت في علم الفساد علماً لا أسأل بعده أحدا ..
قال الأب : يا ولدي .. للفساد ” قواعد و أصول ” لابد أن تتعلمها جيداً و تراعيها بدقة متناهية :
أولها : لا تكن وحدك .. فالفساد عمل جماعي يتطلب مشاركة الفاسدين و توثيق الصلة بهم ..
ثانيها : ابحث عن الرجال الذي يقال عنهم إنهم فوق القانون ، و اشتر شراكتهم بغالي الأثمان .. فهؤلاء يعلمونك مهارات لا يمتلكها غيرهم ، فيختصرون عليك الزمن في صعود سلم الفساد المفيد ..
ثالثها : ترتكب خطأً جسيماً إذا كانت قطعتك من ” التورتة ” أكبر من قطعة من هو أعلى منك ، فقسمة كعكة الفاسدين لا تكون بالتساوي ..
رابعها : كن كريماً و اجعل شعارك “نفع واستنفع” .. ففتات الفساد الذي توزعه على الفاسدين الصغار سيشجعهم لاتباعك لاحقاً و طلب المزيد من التورتة ..
و خامسها : ان الفاسد المحترف يا ولدي لابد أن يكون قانونيا .ً. فالمختلسون البدائيون يذهبون إلى السجن .. أما المحترفون فيصفق لهم الناس .. و يكرمون أمام عدسات المصورين ..
و سادسها : لا بد من أن تتعلم يا بني كيف تخفي أدلة فسادك و تغرقها في أقرب مجرى للسيول .. فإغراقها أسهل من دفنها ..
و سابعها : لا تخف .. و لا تخجل من الفساد .. فنحن أكبر امبراطورية في العالم .. موجودون في كل مكان ..
ثامنها : أقم بشكل دوري الحفلات الصاخبة و اجمع الواصلين .. فكلما زاد السهر زادت قابلية الناس للفساد ..
تاسعها : تعلم مصطلحات الفساد جيداً ، الفاسد يكره كلمة ” رشوة ” .. هو يحب أن يسميها ” عمولة ” ..
عاشرها : لا تنكر الفساد .. بل تحدث على أنه كبير إلى حد لا يمكننا إزالته .. بل علينا ” التعايش ” معه .. تحدث عن ” الشرف و النزاهة ” و أكثر من الشعارات والخطب الرنانة .. و لا تتوقف عن لعن الفساد و شتم الفاسدين ..
اما القانون الحادي عشر : اجعل صورتك نظيفة و قدم خدمات جليلة لمطاردي الفساد .. خذ معهم صوراً تذكارية .. ابحث عن ” بوق إعلامي ” يساعدك .. فالانتهازيون من الإعلاميين يختصرون عليك خطوات كثيرة ..
و القانون الثاني عشر : الفساد مرض معد .. و صاحب الدخل المحدود ، الذي تمر الملايين من تحت يده سيضعف يوماً ما مادامت الرقابة ضعيفة ..
الثالث عشر : لا تكترث بالمثقفين .. فهم يتطاحنون بينهم بعيداً عنك ..
الرابع عشر : إذا عثرت على قاض فاسد فقد وجدت كنزاً لا يقدر بثمن .. فاغدق عليه لأنه عملة نادرة .. و لن يسأله أحد من أين لك هذا ..
الخامس عشر : إحذر ” الشفافية “.. فهي بداية النهاية .. حاربها بكل ما استطعت
أخيرا : عدوك الأول هو “الضمير” ليبق ضميرك في سبات .. إحذره .. فسيكسب المعركة إن أفاق من غيبوبته