إنزعوا فتيل الأزمة الطائفية
بقلم سماح سعيد:
الفتنة الطائفية ما هى إلا صراع بين طرفين بسبب الاضطهاد السياسي او الديني ، لم نر أثرا لتلك الظاهرة منذ بداية الفتح الإسلامى لمصر ، لان الأقباط كانوا وقتها يَرَوْن ان هذا الفتح هو الملاذ الأخير لهم للتحرر من اضطهاد الرومان لهم ، ومن هنا رسم المصريون مسلمون ومسيحيون أجمل صور التلاحم الوطنى ، حتى ان الكنيسة المصرية تصدت الى عمليات التبشير الأوربية .
بداية ظهور تلك الفتنة ظهرت فى السبعينات 1972 منذ حادثة الخانكة ومروراً بأحداث الزاوية الحمراء ، ويرجع ذلك الى محاولة النظام السياسي استرضاء أمريكا ، بعد التحول الإقتصادى من الاشتراكية الروسية الى الرأسمالية الامريكية ، وهو كان بمثابة إنقلاب فى التوجه الفكرى والايدولوجي للنظام السياسي وقتها ، حيث تم الإفراج عن الجماعات الاسلامية حتى يثبت لأمريكا ان هناك حرية الأديان فى مصر ، وكان من ضمن تلك الجماعات بعض العناصر المتشددة التى قامت بتكفير المسيحين ، ومن هنا بدأ مهاجمة المسيحين وكذلك رد الطرف الآخر عليهم وبنفس الأسلوب .
ومن يومها يهدأ الصراع لفترة ثم يشتعل ونحن ندفن رؤسنا فى الرمال ، أصبح الموضوع أشبه بالحريق الذى يبدو فى ظاهره دخانا ، ولكن أسفله نيران تستعر لأننا لم نطفأها بالطريقة الصحيحة التى تمنع اشتعالها مره اخرى ، مثل الجرح نحاول معالجته وتضميده قبل ان ننظف ما به من جراثيم ، كل ما نفعله تجاه الأزمة الطائفية ما هو الا مسكنات ، لكن العلاج الحقيقي فى حوار جاد وفعال ، لقد مللنا من بيت العيلة وإفطار الوحدة الوطنية والتى لا تأتى إلا من قبيل الشو الاعلامى والتظاهر بالوحده.
وهناك العديد من الأسباب التى أدت الى تنامى ظاهرة الفتنة الطائفية منها ؛
*المناهج التعليمية التى تدعو الى التعصب والكراهية ،يجب علينا الفحص والتمحيص فى المناهج التعليمية لتنقيتها مما يدعوا إلي التعصب حتى لا يتجاهل الطلبة زميلهم المسيحي بل ويندمجوا معه .
*أجهزة الدولة وإقامة دور العبادة ،يجب على أجهزة الدولة تسهيل إجراءات بناء الكنائس كما هو الحال بالنسبة للمساجد ، حتى لا يشعر المسيحي بالظلم والاضطهاد الذى من الممكن أن يؤدى به الى العنف وعدم الشعور بالانتماء .
*غياب الدور الأمنى وسيادة القانون والأحكام الرادعة ،فغياب العدالة هو بيئة صالحة للفساد والعنف والقتل
*الإعلام السلبى الذى لا يقوم بدوره فى تهدئة الصراع ،وهو ما أدى الي ظهور القنوات الدينية التى تعمق الفجوة بين شقى المجتمع مسلما ومسيحيا .
*المواطن السلبى ،هناك السواد الأعظم يقف موقف المتفرج منتظر من الحكومة حل الأزمة ، إبدأ بنفسك وأرفع شعار لا للظلم لا للفتنة الطائفية .
*الخطاب الدينى غير المعتدل .وهنا أوجه كلامى لرجال الدين المسيحي والمسلم : عليكم بالخطاب الوسطى ، فبعض رجال الدين المسيحي يَرَوْن ان مصر بلد مسيحية والمسلمين هم من جاءوا عليهم وأخذوا منهم السلطة ، وكذلك بعض المتشددين من رجال الدين الإسلامى يغرس فى عقول الشباب أن الديانة المسيحية على خطأ بل ويصل الأمر الى تكفيرهم ، معذرة لكما فمن أعطى لكم الحق للحكم على إنسان حتى وان كان ملحداً ، هناك رب العالمين هو من سيحاسبه، ومصر بلد كبيرة وعظيمة وهى مهد الديانات السماوية ، وتتسع لكل الأديان ،جوهر الإستقرار فى أى دولة هو التعايش والسلام والمحبة ، تعالوا بِنَا نتناسي خلافاتنا ومذاهبنا ولتتشابك أيدينا لمحاربة من يحاولون هدم عمود من أعمدة الدولة وهى الوحدة الوطنية ، ففى النهاية كلنا زائلون وستبقى مصر .