بعد قول الشاعر إياك أن تحدثنى عن تطوير التعليم
بقلم سماح سعيد:
كتبت كثيراً فى هذا السياق ولن أمل من التكرار لعلها تذكرة لأولى الألباب ، ألا وهى الانهيار و الضياع والموت الأكلينيكى للمنظومة التعليمية بأكملها وهو ما يتأكد لنا يوماً بعد يوم ، حيث إنه ليس حصاد العام بل هو الفساد المستشرى منذ عشرات السنوات ، لا أعلم هل كان متعمداً وصولنا إلى هذا الوضع المتردى من التعليم ، إم إنها جاءت من قبيل المصادفة لعدم أكتراث ذوى الأمر من المسئولين الذين لم يتقوا الله فى منصابهم وعدم مساءلتهم عما أهدوره من وقت ومال وضياع أجيال وقيم.
منذ تولى الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم فى يوم 14 فبراير 2017 من العام الماضى لملف وزارة التربية والتعليم ونحن نأمل فى أن يكون طوق النجاة الذي ينقذنا من الغرق بسبب الأزمات التى كانت تحاصر الطلبة والمُعلمين خاصة فى الآونه الأخيرة ، فالمعلم أصبح يعمل بتلك المهنة وهو غير راض عن نفسه بسبب ضيق العيش وعدم كفاية مرتبه و توفير الاحتياجات الضرورية لبيته وأولاده ، مما يدفعه إلى العمل الإضافى سواء كان دورساً خصوصية أو أى مهنة أخرى بجانب التدريس .
إما على مستوى الطلاب فقد أصبحت المدرسة بالنسبة لهم أشبه بمكان يخنقهم ولا يشعرون فيه سوى بضياع عمرهم وكأنهم محكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ، نظراً للمناهج العقيمة التى أرهقتهم سواء فى المذاكرة أو الإمتحانات، لتخرج لنا فى النهاية طالباً أشبه بالإنسان الآلى يتلقى الأوامر وينفذها دون إستيعاب أو فهم .
وبعد أقتراب الدكتور طارق شوقى على عام من توليه الوزارة أتوجه له بالسؤال الذى يلح علي كثيراً ، ما هي انجازاتك طوال العام ؟، سمعنا منك الكثير من الشعارات والخطط البراقة التى لم نر منها سوى إحلام على الورق ؛مدارس حكومية ضائعة تصل كثافة فصولها إلى 120 طالباً ، يؤدون طابور الصباح فى الشارع لعدم وجود فناء فى المدرسة وفى النهاية لا تتحدث الا عن تطوير نظام الثانوى العام وجعله ثلاث سنوات .
أعرف ما يدور فى ذهنك وإنك تسعى لراحة الطالب والأسر من عبء شهادة الثانوية العامة لمدة عام فقط ، فكرة رائعة ولكن يستحيل تطبيقها فى مجتمع نسبة الفقراء فيه تتجاوز 28 ٪ ، إلى جانب ضعف الكوادر التعليمية لديك فى كافة المستويات ، أبرز دليل على ذلك إمتحان العربى للصف الخامس الإبتدائى بعد فضيحة توجيه سؤال للطالب ما الجمال فى القول الشاعر “فأستجاب لهم ربهم “رغم انها آية قرآنية.
إن كنت ترى إن هذا خطأ وارد فهذا عذر أقبح من ذنب ، من المفترض أن واضعي الإمتحانات على قدر عال من الخبرة والثقة التى أهلتهم لإرتقاء هذا المنصب ، لكن للأسف أن معظم شاغرى المناصب فى تلك الوزارة أو غيرها يصعدون بطريقة وضع اليد وليس بالكفاءة والخبرة .
مجيئك إلى تلك الوزارة يا دكتور طارق أشبه بالعدم لم يحرك ساكناً بل على العكس زاد الطين بلة ولو قمت بحصر السلبيات لن يكفينى عدة مقالات ، لأول مرة طوال حياتى لم تستلم أبنتى وهى فى الصف الثانى الإعدادى إحدى الكتب الدراسية وسوف تدخل الإمتحان بدونها لولا الكتاب الخارجى أنقذنا ، السبب على لسان إحدى مُعلماتها : الوزارة ما فيهاش فلوس .
أى تطوير هذا الذى تتشدق به وانت غير قادر على توفير أبسط إحتياجات الطالب وهو الكتاب المدرسى ، أحترم عقولنا وراعى فلذات أكبادنا وإنزل من برجك العاجى لتصطدم بالواقع التعليمى المرير.