رسالة إلى منتحر
بقلم سماح سعيد:
طفت على سطح المجتمع فى الآوانة الأخيرة ظاهرة غاية فى الخطورة ،بل تعد كارثة مجتمعية ألا وهى(الإنتحار ) ، هذا الوباء الذى تفشى فى المجتمع لم ينحصر فى فئة عمرية معينة ولكنه تجلى واضحا فى الطبقات المحدودة الدخل ، وكأنه الحل السحرى لهم للخلاص من عالمهم الذى لا يستطيعون التعايش معه دون التمسك ببصيص من الإيمان والثقة وحسن الظن بالله ،و دون إرتعاد قلوبهم خشية خلودهم فى النار عند لقاء ربهم ، متناسون أن الله لو شاء لأغدق عليهم من رزقه اكثر مما يتمنون لولا قنوطهم من إختباراته الدنيوية سواء فى المرض أو العجز أو ضيق الرزق أو الوفاة أو الفشل … ألخ ، وهنا أستشهد بقول الله عز وجل فى سورة الإسراء تَعَالَى { إِنَّ رَبّك يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } .
ووفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فقد سجلت مصر 88حالة إنتحار من بين100 ألف مصرى وهى الأولى عربيا فى معدلات الإنتحار، وتتنوع الطرق ما بين؛ القفز على أسفل عجلات المترو ، أو تعاطى كميات كبيرة من الأدوية أو المخدرات ،وأحدث الأساليب الإنتحارية هو نقلها مباشر عبر وسائل السوشيال ميديا ، لا أعرف ما الهدف من إعلان المنتحر عنها ؟ هل سعيا للشهرة أم وسيلة من وسائل الإعتراض ؟حتى طلاب المدارس لم يسلموا من تلك الفوبيا إعتراضا على صعوبة إمتحان أوغيره.
عزيزي المنتحر رغبتك فى الإنتحار تأتى إليك عبر شرفة النافذة الضيقة التى تطل منها على ما يملكه الآخرين ، والتشوق إلى أشياء ليست فى حوزتك ولا فى إمكانياتك ، فتفقد سحر ما تمتلكه ويسيل لعابك على ما لا تملكه ، شلال رغبات لا تنتهى تحفر خندقًا بين الحلم والحقيقة ، ومن هنا تستعر نيران الإلحاح دون تفهم ولا تعقل أو تدبر فيقف العقل أمامها عاجزا لمواجهة الواقع أو توفير الامكانات لتوفيره ليصطدم بالحقيقة المرة ، ان ماتأمله غير موجود ولاتستطيع إيجاده ، وهنايكون الشخص أمام معضلتين إما أن يتنازل عن طموحاته ورغباته وهى نهاية مؤلمة لإن الإنسان بلا أهداف يهدر طاقاته ويبعثرها هباء ، أو يتنازل عن واقعه فينتحر أويجن وهذه نهاية أكثر إيلامًا .
وهنا يبدأ الصدام والصراع النفسى والأشبه بمبارزة خفية داخل سرداب مظلم يتبارزفيها بداخلنا خصوم لا نراهم ونستشعر وبوخز السيوف بقلوبنا ، والحل السحرى لهذا الصراع يكمن فى كلمة (الرضا ) وبالتأكيد لايأتى إستشعار معانى تلك الكلمة البسيطة فى ظاهرها والعميقة فى جوهرها إلابالإيمان القوى ليس قولا بل عملًا فى كل تعاملاتنا الحياتية ،أما عن كيفية موائمة عقولنا لتجنب هذا الصراع ؟ ، فالطريقة السحرية لذلك هى التكيف والتلاءم بين واقعنا ورغباتنا وطموحنا كى نهون على أنفسنا مشقة الخسائر وأقناعها بإنها شر لابد منه كى ننجح فى المستقبل ، الإنتحار ليس الحل لمشكلاتنا بل هو الهروب السلبي لكارهى الحياة وضعيفى الإيمان والشخصية ، الحياة مغامرة تستحق أن تعاش بمرها كى نشعر بلذة نجاحنا ( لولا الفشل ما تذوقنا طعم النجاح ) .