فلتحيا ريادة الأعمال !!!
بقلم سماح سعيد :
حضرت مسابقة تحت عنوان ( فنى مبتكر ) قبل ايّام بفندق الفيرمونت ،التي نظمتها وزارة التربية والتعليم وكان فى مخليتى أننى سوف أشاهد إحتفالية لنمط تقليدى متكرر من المسابقات و ساحة ( للمكلمة ) لا تغني ولا تسمن من جوع ، فما أكثر اللقاءات والمؤتمرات لا نجنى من ورائها سوى ضياع الوقت والجهد والمال لمجرد الشو الإعلامى وإظهار ما ليس فينا .
وبمجرد وصولى الفندق فى السابعة مساء ولمدة 5 ساعات متواصلة لم يصيبنى الملل ولو للحظات ، بل تمنيت أن لا تنتهى تلك الصور المبهرة من طلاب التعليم الفنى ولجنة التحكيم وغيرهم من المسئولين داخل القاعة ، حيث كان الجميع ملتزمين نظراً لما نراه من عقول مصرية عظيمة مبتكرة تبعث على التفاؤل فى نفوس الحاضرين وجميعنا كنا نتساءل أحقا هؤلاء طلاب التعليم الفنى ؟ هل هذا هو التعليم الذى كنا ننظر له بعين السخرية والتدنى منذ عقود ؟ .
لن أُسهب عليكم كثيرا ً حتى أنقل لكم ما رأيته ، مسابقة فنى مبتكر هى الأولى والوحيدة فى الشرق الأوسط لريادة الأعمال ، أعرف أن الجميع سيسأل مثلما تساءلت ما معنى ريادة الأعمال وما علاقته بالتعليم الفنى ؟ الأجابة إن ريادة الأعمال هى نشر ثقافة الإبتكار وتشجيع طلاب التعليم الفنى على أن يكونوا رواداً للأعمال لتكوين كوادر شبابية قادرة على إنتاج أفكار مبتكرة وتحويلها لمشروعات ناجحة .
تقدم للمسابقة 1370 متسابقا ، تم قبول 188 فكرة مشروع ، لتنتهى التصفية بينهم على العشرة مراكز الأولى، من بين 25 مشروعا ، نُفذت تلك الأفكار من خلال مشروع تعزيز القوى العاملة وتنمية المهارات ويز” wise” الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، حيث يعمل المشروع فى 11 محافظة هم ( الأسكندرية ، بورسعيد ، الإسماعيلية ، اسوان ، البحر الأحمر ، الشرقية ، الغربية ، المنوفية ، بنى سويف ، الفيوم ، دمياط ) ، من خلال 60 وحدة لتيسير الإنتقال لسوق العمل وتدريب 1200معلم ومعلمة ولتلقين الطلاب على مهارات ريادة الأعمال ولضمان الإستدامة وتطوير معايير جديدة بالتعليم الفنى، بهدف الوصول إلى مؤشر التنافسية وتطوير تخصصى اللوجستيات والطاقة الجديدة والمتجددة وفقا لسوق العمل .
حصل الطالبان محمد محمود عطية ومؤمن مجدى محمد من مدرسة الإسكندرية الفنية الصناعية المتقدمة فى محافظة الإسكندرية على المركز الأول بجائزة قدرها 25 ألف جنيه عن جهاز cnc لتصميم المشروعات من أختراعهم .
أما المركز الثانى فكان من نصيب مشروع “أنتيكا” بجائزة قدرها 20 ألف جنيه مقسمة على فريق العمل والمتمثل فى، (أحمد خالد محمد رجب – محمود أحمد أحمد – مصطفى أحمد أحمد) من مدرسة الإسكندرية الفنية الصناعية المتقدمة ،ذلك من خلال تصنيع قطع ديكورية خشبية وأثاث بتصميمات مبتكرة غير مكلفة وعالية الجودة من الروبابيكيا .
أما المركز الثالث فقد فاز به مشروع “كمنجاتية” مقدم من الطالبة نوال أشرف إبراهيم من مدرسة الإسماعيلية الثانوية الزخرفية بنات والجائزة قدرها 15 ألف جنيه ، بابتكارها آلة الكمان بجودة عالية وأسعار مناسبة تنافس أسعار الكمان المستوردة .
ومن المركز الرابع إلى العاشر مشروعات جديدة ومبتكرة لا تقل قيمتها وأهميتها عن المراكز الثلاثة الأولى ، ما أردت إلقاء الضوء عليه في المقال هو كيفية التعامل مع الطالب لإستخراج طاقته الإبداعية، كيف ننمى داخله روح الإبتكار ؟ ، تساءلت لماذا لم ينفذُ هذا داخل المدارس ؟ أم إننا بحاجة إلى مشروع ويز الأمريكي لإكتشاف مواهب أبنائنا !!!.
أعرف أن الرد من المسئولين هو عدم توافر الإمكانات المادية نظرا الظروف الإقتصادية الحرجة التى تمر بها البلاد ، لكن بعد ما شاهدته من نماذج وعقول مشرقة سأرد عليكم بأنها حجة البليد، لإن مشروعات هؤلاء الشباب كانت غاية فى البساطة ،هى تركتز على أقل الأشياء تكلفة مثل الدوم والاخشاب القديمة .
الإبتكار لا يحتاج إلى المال بل سواعد جادة تمد يدها نحو كل مبدع لتوجيه طاقات الشباب إلى الإنتاج وإبتكار كل ما هو جديد ، 700 ألف طالب بالتعليم الفنى للعام الدراسى العام ، لو حاولنا كل عام مساعدة 20 طالبا على الأقل على الإبداع والتميز سنُحدث طفرة مستقبلا .
لا يسعنى فى نهاية هذا المقال سوى توجيه الشكر لكل من ساهم فى تلك المسابقة وأن أرفع القبعة لتحية ريادة الأعمال ، الذى أتمنى أن تدرُس ضمن المناهج التعليمية لجميع الصفوف لما لها من أثر عظيم سيؤثر إيجابيا على الطلاب ، حيث سيكون محور إرتكاز لتطوير الإنتاج وهو ما سيؤثر مستقبلا على الأقتصاد لنصبح بلدا منتجا .