كلنا في خيمة العزاء
بقلم علاء الداودي
جلسنا في خيمة العزاء حتى توافد علينا الكثيرين الذين جلسواويتجاذبون معا أطراف الحديث ….
تركتهم يتحدثون وجلست أتأمل في وجوههم وأحوالهم فردا فردا لتعود بي الذاكرة إلى الوراء سنوات عديدة …
فهذا الذي كان بالأمس يضرب الأرض بقدمه فتهتز لا يستطيع اليوم الجلوس أو النهوض من على كرسيه إلا بمساعدة أحدهم …
وذاك الذي كان يملأ الدنيا صراخا، بالكاد تستمع اليوم إلى صوته وتفسر كلماته المتلعثمة …
وهذا الذي كان يشيد بأمجاده ويتفاخر بآبائه وأجداده ويشيح بيده يمنة ويسرة ويهدد هذا ويتوعد ذاك، واليوم تهتز تلك اليد وهي تمسك بفنجان القهوة.
أين الذي كان يأمر فيطاع ويسأل فيجاب ؟؟؟
أين الذي كان إذا تكلم أسمع وإذا حكم أخضع وإذا ضرب أوجع وإذا مش أسرع ؟؟؟
واليوم لا يرى إلا القريب الداني ولا يسمع إلا الصوت الجهور العالي.
ولا يتحدث إلا عن أمراضه وأوجاعه …
لا يحتاج من الدنيا إلا من يسمع له ويرى له ويناوله دواءه ويضع له اللقمة في فمه بل وأحيانا يعينه على قضاء حاجته.
هذه هي الدنيا وهذا هو فعلها …
وهذه هي السنون وهذا حكمها …
لا تستثني أحدا ولا تمهل أحدا …
لا تجامل أحدا ولا تحابي أحدا …
إن لم ينتشلنا الموت من براثنها تفننت في إذلالنا وإضعافنا وإعطابنا شيئا فشيئا …
وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل :
“ومن نعمره ننكسه في الخلق … أفلا يعقلون”؟؟؟!!!
أفلا تعقل يا من جمع الدنيا بزينتها
ودانت له الأرض من مشرقها لمغربها
أفلا تعقل يا من علا واستكبر وطغا وتجبر ؟؟؟
أفلا تعقل يا من سفك الدماء واستحل الأموال والأعراض؟؟؟
لم يبق شيء من الدنيا بأيدينا
إلا بقية دمع في مآقينا
كنا قلادة جيد الدهر نفتخر
وفي ميادين العلى كنا سابقينا
حتى غدونا بلا جاه ولا نسب
ولا صديق ولا خل يواسينا
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل …
“الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالما أو متعلما”.