لا لختان الإناث
بقلم سماح سعيد:
ترددت كثيرا قبل الشروع فى كتابة هذا المقال بسبب أن الحديث فى الموضوع يُنظر له من جانب المجتمع على إنه مخجل ولا ينبغى لأى امراة مناقشته لا من بعيد ولا من قريب ، ولكن سأعمل هنا بمقولة ( لا حياء فى الدين ) ولعلها تذكرة ، إلا وهو (ختان الإناث ) تلك القضية التى أثيرت منذ عقود ولا تزال موجودة و مستمرة حتى الآن ، وما شجعنى فى الحديث عنها حضورى مؤتمر ( توحيد الجهود للحد من ختان الإناث فى مصر ) بمقر المجلس القومى للطفولة والأمومة تحت رعاية وزارة الصحة والسكان وبحضور الدكتور عمرو حسن مقرر المجلس والدكتورة عزة العشماوى الأمين العام له .
وتساءلت كيف لنا ونحن نعيش فى القرن الحادى والعشرين أن يكون لدينا تلك العادات الخاطئة المتوراثة عبر الأجيال ، والتى ليس لها أى أساس من الصحة حيث ولا توجد لها مرجعية فى الدين أو الطب ولا غيره كما أكده الحضور و المختصون فى هذا الشأن، مؤكدين إنها عادة أفريقية لا تتواجد إلا فى 28 دولة بالقارة السوداء فقط ، وهى ليست عادة اسلامية والدليل على ذلك إنها تحدث عند المسيحيين مثلما تحدث عند المسلمين ، فى حين أن باقى قارات العالم لا يسمعون حتى عن تلك الجريمة.
كانت أول صرخة لتفجير تلك الجريمة والكشف عن عوراتها بدلا من دفن رؤؤسنا فى الرمال هى وفاة الطفلة بدور عام 2007 بقرية بمغاغة بالمنيا ذات 12 عاما ، فبدلا من أن تهديها والدتها جائزة على تفوقها بالشهادة الابتدائية زفتها الي قدرها المحتوم بشهادة تشييعها إلى مثواها الأخير والسبب هو ختانها ، فارقت بدور الحياة بسبب عادات خاطئة و جهل أعمى وتعصب عنصرى فى مجتمع متخلف لا يرى سوى أن البنت عارا عليه .
إذا كان السبب وراء تلك الجريمة الشنعاء والتى تتم تحت ستار الوازع الديني الخطأ إلا وهو صون الفتاة وتزيينها بالعفة ، فالفقهاء والأئمة ورجال الدين ومشيخة الأزهر جرموا العملية واعترفوا بعدم وجود نص دينى يحث على ذلك ، وهنا أرد على القلة التى تردد كلاما مغلوطا و أوجه لهم سؤالا ، ما معنى العفة تلك بعد التشويه النفسى والجسدى وهو ما يؤدى بها إلى عقدة نفسية تلاحقها طوال حياتها حتى مماتها؟ ، العفة لن تأتي أبدا باقتطاع جزء من جسد الفتاة جبرا عنها بل هى التربية الصحيحة على المبادئ والقيم والالتزام بتعاليم الأديان .
أما على الجانب الطبى فالطبيب الذى يوافق على إجراء تلك العملية فهو إما مجرم أو يتخد من المهنة السامية سبوبة لجنى المزيد من الأموال بغض النظر عن الرسالة السامية للطب ، هو ليس أمينا مع مرضاه لإنه لا يوجد نص أو دراسة فى كليات الطب بأكملها ذكر فيها أسم العملية أو شرحها ، حيث أكدت الدراسات والإستقصاءات خطورة العملية بالنسبة للفتاة فيما بعد من خلال إحتمالية التلوث ونقل الأمراض ، بالإضافة إلى إنها تأتى سببا ضمن أسباب إرتفاع حالات الطلاق لما لها من تأثير سلبى على حياة الفتاة بعد زواجها .
سنت الدول قانونا لتجريم تلك العملية بداية من 2008 بالسجن من 3 أشهر إلى سنتين وفقا للمادتين (241،242) من قانون العقوبات ، وبعد وفاة ميار محمد بالسويس من جراء ختانها غُلظت العقوبة لتتحول من جنحة إلى جريمة يُعاقب من يرتكبها بالحبس من 5 إلى 7سنوات .
ولكن مهما تحدثنا عن قوانين وروجنا لها لن يصلح من شأننا شئ ، الجاهل لا يعى القانون حتى يحترمه بل سيتحايل عليه ، لذا فإن الواجب علينا النصح والإرشاد والتوعية بكافة وسائل الإعلام و إضافة درسا عن ختان الإناث ضمن دورس التربية والتعليم كى تتعلم الطفلة أمورها الحياتية بطريقة صحيحة وتسعى لتثقيف والداتها وغيرها من النساء فاقدات الوعى وغير المسئولات سوى عن تنفيذ هذا التقليد الأعمى دون فهم وإدراك لأبعاده ، ولتعلم الفتاة أن تشبثها بقرارها و اعتراضها هو تحد حميد لمورثات بالية و لم يبق منها إلا العفن فى خيال عديمى الثقافة والجهال .