حتى لا ننسى
بقلم سماح سعيد:
مع روحانيات شهر رمضان الكريم، نستشعر بنوع من الراحة النفسية من خلال أداء طقوسه وعباداته من صوم وصلاة وزكاة وتلاوة القرآن وغيرها من مظاهر تكاد لا نواظب عليها سوى فى هذا الشهر فقط طوال العام ،فهو شهر الفرار إلى الله ،والملاذ الآمن لأرواحنا من صخب الحياة ،وضجيجها التى تحملنا ما لا طاقة لنا به من مشكلات حياتية واجتماعية واقتصادية باتت تؤرقنا وتستنزف طاقتنا .
ولكن فى وسط تلك الروحانيات هناك دائما دعوة بالعفو والمغفرة عمن ظلمنا أو آذانا استنادا لقول الله تعالى {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}وغيرها من الآيات والأحاديث للحث على التحلى بصفة التسامح ، ولنا فى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أسوة فهناك الكثير من القصص و المواقف التى توضح لنا مدى سماحته وعفوه حتى مع أعدائه.
ولكن هنا أقول أن النفس البشرية يصعب عليها محو كل من آذاها ،ولا أقصد هنا بكلمة الأذى الجسدى بل النفسى ، فكيف لإنسان أن يزيل ندبات وعلامات فى قلبه بأسواط لسان أو أفعال الآخرين ثم نفكر فى مسامحته ؟
التراكمات عاصفة بالمشاعر الإنسانية تزيح من ذاكراتنا مَن اتعبها ولو لعقود درءً لسلامة النفس واتزانها من أجل مواصلة الحياة، فإن كانت إماطة الأذى عن الطريق صدقة ، فإن إماطة الأذى عن القلوب إحياء للنفس البشرية ولما كان العقاب جوهر العدل ، فإذا تغير عليك إنسان لا تعاتبه، أعد ترتيبه فى دفتر احوالك بجانب خانة الغير مهم ، من اغتابك وخانك واذاك واوجعك وخذلك لا تنتقم دعه للذى لا يغفل ولا ينام .
لا ادعو إلى الكراهية للأشخاص والمواقف الذى تمر بنا وتسبب لنا المشاكل لإنها عكس الطبيعة البشرية ، فالكره نار تحرق صاحبها أولا، حيث يؤجج مشاعره دائمًا بروح الإنتقام والغل والحقد، ولكن حتى لا ننسى ، فنحن بشر نحاول أن نتناسى، وإن أصفحنا عنهم لابد من أخذ الحيطة والحذر لأن الطبع يغلب التطبع حتى لا نقع فريسة لزمن عز فيه الخصال الحميدة .