من الشك الي اليقين..بقلم ريهام عبد الواحد
بقلم ريهام عبد الواحد:
بعد سنوات كثيره من الخبرات والصدمات والتجارب التي اصقلتني بقدر لا بأس به من رجاحة العقل ..سألت نفسي ماهي الاسباب التي جعلتني اختار الاختيارات الصحيحة في حياتي الحالية ؟
وجدت أن كل اختياراتي الخاطئة هي قادتني إليها….
كُنتُ دائما طائرا حرا طليقا ثائرا ،لطالما كرهتُ أن أحلق في أمانٍ مع السرب ، روحي الفضولية دفعتني أن أعيش ككرة لهب متدحرجة من أعلى جبل لا يوقفها شيء …
كنتُ أكره النصائح و التحذيرات ، و لطالما أحببتُ أن أفعل ما يحلو لي و ما أراه نافعا لمصلحتي ، المجتمع كان آخر همي ، لم أكن أبالي لأحكامه ،
و لا أنافق حتى يرضى عني ..عشتُ كفراشة تنجذب الى النار ، و كم أحرقت جناحاتي … عشتُ كطفل يتصرف بسجية و كم دفعتُ ثمن غلطاتي …لاحقتُ كل ما أتمناه و بعد الحصول عليه أدركت أنه ليس ما أريد ، و قَبلتُ بما لا أريد ظنا أن ربما سوف ينتهي بي الأمر مرتاحا ،
و لكن لم يكن ذلك أصلا ما أريد …عشتُ بالعاطفة حتى استنزفتُها ، حتَّى كرهتها أشد كره و قاطعتُها …و عشتُ بالعقل حتى صرتُ آلة ،
عِشتُ حكيما ككاتب فيلسوف و كذلك مجنونا بالحياة شغوف ..عِشتُ كصيفٍ حار يحرقُ بلهيبه القلوب ، و كشتاءٍ بارد قاسٍ لا يعرف صقيعه كيف يذوب …عِشتُ كملاك يحب الخير للجميع ،
و كشيطان أمنيته الوحيدة أن يدمر كل من تسببوا له بالأذى …و بين كل شخصياتي المتناقضة لم أجد شخصية تناسبني أعيش بها ما تبقى من حياتي ، و بين كل الأهداف و الصور الإجتماعية التي لهثتُ خلفها لم أشعر يوما أني وجدتُ موطني ، عشتُ متعبًا أحلق هنا و هناك ، لعلي أجد غصنا يريحني ، و كنتُ في ظل كل هذه الفوضى أجد أحيانا محطة ، و أقول هاهي أخيرا محطتي ، و اذا بها تكون متاهتي ، فأحضن جراحاتي و أركب اول قطار يبعدني عنها ..
عِشتُ محاربا ، أحاربُ عُقدي ، و صراعاتي الداخلية ..و أحارب مجتمعا بأسره أراد ترويضي حتى أعيش مثل القطيع ، دون حكايات تُميزني ، دون عنوان يُعَرِّفني ، و دون كلمات تمثلني ،
و صدقٍ احمله في قلبي يُجاهر بأسوء ما يسكنني …نعم حاربتُ تلك الصورة المتكاملة الجميلة النقية الفاضلة التي يحبها المجتمع ، و رقصتُ فوق ألوانها المِثالية بعشوائيتي ، بضوضائي ، بعيوبي ..فكرهوني و غاروا مني و حسدوني لأني كنتُ شجاعا دائما لا أعرف للنفاق طريقا.
شتتني أعاصير الحياة ، و ابتلعتني حتى أنجبتني يوما متوازنا ، و بين برودة الشتاء و حر الصيف عرفتُ أخيرا كيف أصبح ربيعا ، و كل ما تعلمته من متاهاتي قادني إلى الطريق الصحيح ، و كل ما تعلمته من أخطائي قادني الى تطوير الذات ، وكل من خذلوني هم مرشدون وضعتهم الأقدار في حياتي حتى تجعلني ضرباتهم الموجعة أفهم أن هناك اشياء بداخلي عليَّ تغييرها و العمل عليها.
لهذا أنا اليوم لن أجلد ذاتي على أخطاء الماضي مهما كانت فادحة ، بل سوف أسامحها و أسامح الماضي ، و أشكر كل ندبه ، و كل ذنب و كل زلة على كل الدروس التي غزت أفكاري ، و جعلتني حكيما ثري الفكر ، و أفخر بنفسي أني ذلك المختلف الذي سبح ضد تيار المجتمع حتى يكتشف ذاته ، فأصبح هو التيار الذي لا يصمد أي مجتمع بكل كذبه و نفاقه على مجاراته.