الدراما فن ورسالة وإبداع
بقلم دكتورة سامية دسوقي عيد:
خبير إعلام الطفل
الدراما مهمة فى حياة الشعوب ليس للترفيه والتسلية فحسب بل هي تساعد في بناء الوجدان وتنمية العقول،وتمثل الدراما بلا شك أحد مصادر قوى مصر الناعمة ولها قيمتها ودورها فى تشكيل فكر ووجدان فئات المجتمع، حيث انها أكثر القوالب الفنية والاعلامية اجتذابا وتأثيرا فى توعية الأفراد ، وتنقل صورة حية للواقع والفكر الذى يسود المجتمع .
والدراما لها تأثير في إحداث تغيير اجتماعى ووسيلة من وسائل الارتقاء بالمجتمع عن طريق تناول مشكلاته والسعي لإيجاد حلول ، وأداة من أدوات التنمية البشرية والثقافية والاقتصادية والمعرفية.
وللدراما دور في تشكيل قيم المجتمع وعاداته وتقاليده ، وتستخدم أيضا في التوجيه والإرشاد ، كما تحقق وظيفة رئيسية من وظائف الاعلام وهى الترفيه والتسلية وتعتبر بمثابة ذاكرة حية للشعوب ووسيلة فاعلة للتوعية.
هذا ما أكدته احتفالية إعلان نتائج المرصد الإعلامى لدراما رمضان 2024 تحت رعاية وبحضور الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس ادارة صندوق مكافحة وعلاج الادمان والتعاطى ، والتى حضرتها السفيرة الوزيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان ، والمهندس حسام صالح الرئيس التنفيذى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وممثلو الوزارات والهيئات الحكومية والدولية والجمعيات الأهلية وعدد من الفنانين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى ، وقد قدمت الحفل الفنانة منال سلامة،حيث تأتى تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمى بالامتناع عن تعاطى التبغ والذى يحتفل به العالم فى شهر مايو من كل عام .
أكثر ما بث لدى الأمل هو اعلان الأستاذ عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى نتائج اعمال المرصد الإعلامى، مؤكدا أن 72% من الشباب يستقون معلوماتهم عن التدخين والتعاطى من الأعمال الدرامية ، وكانت من أهم النتائج انخفاض المشاهد والمساحة الزمنية لمشاهد التدخين وكذلك المساحة الزمنية لمشاهد التعاطى عن السنوات السابقة حيث انخفضت الفترة الزمنية إلى أقل من 0,5 عام 2024 ، بفضل جهود الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لدعم القضية .
إلا أن هناك ظواهر سلبية فى التناول الدرامى لقضية التدخين وتعاطى المخدرات لعام 2024 من أهمها كثافة مشاهد تعاطى الكحوليات 73% ، ويمثل تدخين الإناث فى الدراما 12% من المدخنين بينما النسبة فى الواقع 1.5 % وأيضا الترويج غير المباشر لأنماط التدخين الحديثة مثل التدخين الاليكترونى ، التبخير ، التسخين ، ومن النتائج التى تم إعلانها أن الأعمال الدرامية الخالية من مشاهد التعاطى فى دراما 2024 هى مسلسلات منها ؛( الكبير قوى 8 – جرى الوحوش – عتبات البهجة – قلع البحر – خالد نور وولده نور خالد – أشغال شاقة – بقينا اتنين – المداح 4 – مليحة ـ بابا جه – رحيل – بدون سابق انذار).
أما الأعمال الدرامية الخالية من مشاهد التدخين والتعاطى معا ؛(بابا جه – خالد نور وولده نور خالد – المداح – بقينا اتنين).
وكانت الأعمال الدرامية الأقل احتواء على مشاهد تعاطى هى ؛( كامل العدد +1 – بيت الرفاعى – نعمة الأفوكاتو ).
بينما الأعمال الأكثر احتواء على مشاهد تعاطى لهذا العام مسلسلات ؛العتاولة – حق عرب ( ولكنه خط درامى يعلن لأول مرة عن الخط الساخن لمكافحة الإدمان)– تل الراهب .
وكانت الظواهر الإيجابية فى التناول الدرامى لقضية التدخين وتعاطى المخدرات لعام 2024 كما توصلت اليها النتائج تفاعل صناع الدراما وظهور خطوط درامية ايجابية تتناول القضية ،حيث كان 14% من الأعمال عرضت أضرار التعاطى وأثره على الفرد والمجتمع ، وعدم ظهور اى مشاهد تدخين او تعاطى مواد مخدرة للأطفال للعام الرابع على التوالى واستمرار انخفاض نسب مشاهد التدخين والتعاطى فى الدراما .
ولأهمية مواقع التواصل الاجتماعى ودورها المهم فى التوعية والتنوير خاصة بين الشباب والاطفال تم القاء الضوء على الشخصيات المؤثرة التى دعمت قضية مكافحة التدخين وتعاطى المخدرات منهم ؛الدحيح الذى قدم اعمال دولة المخدرات ، التدخين، التدخين والسرطان ، فوائد التدخين والتى حققت مشاهدة عالية وصلت إلى 6,3 مليون مشاهدة .
إضافة إلى محمد هشام الذى قدم أعمالا على مواقع التواصل الاجتماعى استهدفت تنمية المجتمع ومنها دعم مكافحة التدخين والمخدرات وحقق أكثر من 10 ملايين مشاهدة .
ومن الجميل أن تقوم دكتورة نيفين قباج وزيرة التضامن الاجتماعى بتكريم الأعمال الدرامية الخالية من التدخين وتعاطى المخدرات ومن أهمها مسلسلات؛ حق عرب ، كامل العدد +1 ، صلة رحم لعرضها التداعيات السلبية للإدمان والتعاطى على الأسرة والمجتمع.
كما عرضت الوزيرة اسباب الوقوع فى مشكلة الادمان والقاء الضوء على دور الأسرة فى رعاية أبنائها ، وقد تم تكريم الفنانين اياد نصار ، سلوى عثمان ، دينا فؤاد ، الفنان نبيل نور الدين ، شريف سلامة ، كارولين عزمى ، والإعلامى محمد هشام .
وما يلفت الانتباه أن مسلسل “حق عرب” تضمن مشهد تم فيه الإعلان عن الخط الساخن لعلاج الادمان والتعاطى، وهو ما يؤكد أهمية دور الدراما الاجتماعية فى توصيل المعلومة النافعة التى يحتاجها أفراد المجتمع وعدم الاقتصار على الترفيه المجرد .
فالدراما من شأنها تغيير السلوك وتعديل أنماطه السلبية إلى أنماط سلوك ايجابى حيث تأخذ الدراما مادتها من الحياة بما فيها من تجارب ومواقف ، ويظهر تأثير الأعمال الدرامية على المشاهد في التصدي لمشكلات المجتمع والمشاركة في تناول قضايا التنمية ، والدراما تساهم في نقل الثقافة إلى مختلف قطاعات المجتمع وأيضاً تسعى إلى التعبير عن أفكار وعواطف وليست مجرد انعكاسات تسجيلية.
ونستطيع أن نؤكد أن الدراما استطاعت ان تسحب البساط وتجذب المشاهد من الدراما التركية والهندية، ففى عام 2016 استحوذت الدراما التركية على نسبة مشاهدة كبيرة وأصبح نجومها أصدقاء للمشاهد ، كما ان شهر رمضان يعد موسما للأعمال الدرامية، حيث يتم تقديم جرعة مكثفة منها، التي تتميز بالإنتاج الضخم، وحشد أكبر عدد من النجوم، واعتاد االمشاهد على انتظار الأفضل، بينما يقل الانتاج باقى شهور العام.
لذا نتمنى أن يستمر الانتاج الدرامى الهادف طوال العام لإبقاء العلاقة الايجابية بين المشاهد والدراما التى تساهم فى إحداث التأثير الايجابى،والتصدى للفرص المتاحة لأنواع من الدراما المغايرة لثقافتنا وهويتنا .