على مدار السنوات الأربع الماضية، ما إن تُعلن نتيجة الثانوية العامة، حتى تبدأ موجة متكررة من التشكيك والاتهامات، وتُنسج روايات درامية عن مؤامرات تُحاك ضد الطلاب من قِبل وزارة التربية والتعليم، وكل ذلك بذريعة “أخطاء في التصحيح الإلكتروني”.
عزيزتي الأم، عزيزي الأب، من الطبيعي أن تحبوا أبناءكم، لكن من غير الطبيعي أن تُحمّلوا الوزارة وزر إخفاق أبنائكم، أو أن تحوّلوها إلى دمية “ماريونيت” تتحرك حسب توقعاتكم وآمالكم،فبعضكم رسم لأبنائه صورة وردية غير واقعية، وتوهم تفوقًا لا يستند إلى جهد أو استحقاق.
الدروس الخصوصية التي تُضخّم من قيمة الطالب عبر إشادات وهمية وشهادات تقدير زائفة، لا تعني أنه متفوق علميًا، بل مجرد زبون دائم تستوجب مجاملته!
أما الحقيقة، ومن واقع عملي وتغطيتي الدقيقة لأخبار وزارة التربية والتعليم، فإن نظام التصحيح الإلكتروني لا يُخطئ.
إنه إجراء دقيق ومحايد بالكامل، يبدأ بتجميع أوراق الإجابة في قطاعات مختلفة، ثم تُؤخذ منها نسختان رقميتان دون أن تتضمن أي بيانات تعريفية عن الطالب، وتُرسل إلى الكنترول المركزي، حيث تتم عملية التصحيح دون تدخل بشري.
وبالنسبة للأسئلة المقالية، فهناك مصححان لكل سؤال، وتُحتسب الدرجة الأعلى لصالح الطالب، وإذا وُجد تفاوت كبير بين المصححين، تُعرض الورقة على مصحح ثالث،وبعد الانتهاء، تقوم لجنة خاصة بسحب عينة عشوائية لمراجعة دقة النتائج.
فهل يُعقل أن يُخصَّص وقت لإنقاص درجات طالب بعينه وسط قرابة 800 ألف طالب؟ وما المصلحة أصلاً؟!
الوزارة، التي يُتّهمها البعض بالتلاعب، هي نفسها التي تمنح درجات رأفة لتجنب رسوب الطلاب، وهي التي فتحت باب التظلمات لتتيح لكل طالب الاطلاع على ورقته، لكن غالبية الطلاب، عند رؤية أوراقهم، يرفضون الاعتراف بها أمام أولياء الأمور، وكأنهم في لعبة شطرنج، يضحّون بالجميع لتفادي كشف الحقيقة، حتى يصلوا إلى طريق مسدود، وتُقال لهم صراحة: “كش ملك”،ولا يكتفون بذلك، بل يواصلون الإنكار عبر دعاوى قضائية، رغم أن نتائج هذه الدعاوى كثيرًا ما تؤكد أن الورقة بالفعل تخص الطالب، وتكون النتيجة إهدارًا للوقت والمال والطاقة.
أحبائي أولياء الأمور، دعونا نعترف: ليس كل أبنائنا “أحمد زويل”،هذا ليس عيبًا، بل واقع يجب قبوله، الاختلاف في القدرات والمهارات والذكاء أمر طبيعي، وهو ما يجعل الحياة متوازنة، لدينا الآن منظومة تعليمية متنوعة تضم الجامعات الحكومية، والأهلية، والخاصة، وهناك تخصصات جديدة مطلوبة في سوق العمل أكثر من الطب والهندسة.
علينا أن نُربي أبناءنا على تقبّل ذواتهم، وعلى السعي لما يناسبهم، لا لما نحلم به نحن، فالقمة الحقيقية نصنعها باجتهادنا، لا ببطاقات التنسيق.





