وأد الطفولة فى مهدها
مقال للكاتبة الصحفية/ سماح سعيد
تعالت صرخات أولياء الأمور خلال الأيام الماضية عقب واقعة الاعتداء الجنسي على مجموعة من التلاميذ داخل أسوار مدرسة “سيدز“ الدولية على يد بعض عمالها، وبينما يكمم كثيرون أفواههم من هول الصدمة، يلوح سؤال مُفزع: إلى أين يتجه هذا المجتمع؟ هل نسير نحو الهاوية، أم ما زال هناك ما يمكن إنقاذه من بين أنياب العولمة والسوشيال ميديا؟
الحقيقة أن هذا الانحراف الأخلاقي ليس جديداً، لكن انتشاره داخل مؤسسات يُفترض أنها منارات للعلم والتربية يجعل من مجرد تصديقه أمراً بالغ القسوة،فالمدرسة هي الامتداد الطبيعي للأسرة؛ يكبر الطفل بينهما، ويستمد توازنه النفسي منهما معاً، فإذا اختل أحد الركنين، خرج لنا جيل محمّل بعُقدٍ لا يمحوها الزمن، ليصبح في النهاية قنبلة موقوتة تهدد الأسرة والمجتمع.
ولا أميل إلى الخوض في تفاصيل وقائع تقشعر لها الأبدان، فالأطفال في عمر الزهور لا يستحقون أن تُغرس في قلوبهم البريئة ندبة سوداء كهذه،لكن الحقيقة المُرّة أن الجميع شارك – بشكل مباشر أو غير مباشر – في هذه الجريمة،أين الحوار بين الطفل ووالديه؟،كيف تُرتكب تلك الفعلة الشنعاء لأشهر دون أن يتنبه أحد؟، هل وصلنا إلى حدّ أن يعيش كل فرد في جزيرته الخاصة؟.
إن حقوق الطفل لا تقتصر على المدارس الفاخرة أو الملبس والمأكل، ثم تركه فريسة للسوشيال ميديا والانشغال عنه بحجة الظروف الاقتصادية،الطفل يحتاج قبل كل شيء إلى الأمان، إلى من يصغي إليه، إلى حوار وأسرة تمنحه السكينة قبل أن تمنحه الرفاهيات،” كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
وهنا أطالب صناع القرار بتغليظ عقوبة جريمة هتك العرض، سواء ارتكبها بالغ أو قاصر،فما زالت قضية الطفل “ياسين” في البحيرة ماثلة أمامنا، ولم يشفع الحكم حينها لآلام المجتمع.
أما من يُقدم على هذا الجرم، فهو – بلا شك – مريض نفسي، لكن المرض هنا لا يمنح صاحبه شفاعة،فمن يفكر في إيذاء طفل بهذه الوحشية قد جرد نفسه من إنسانيته قبل أن يقترف الفعل.
وقد ترجع أسباب هذه الكارثة إلى تاريخ من الاعتداء تعرض له الجاني في طفولته، أو إلى ضعف شخصيته وقسوة من حوله، أو إلى الانبهار الأعمى بثقافات مستوردة تُروّج للشذوذ وتعمل على تقويض قيم المجتمع.
علينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، ولتكن “سيدز“بداية التصحيح لواقع كان الحديث عنه عاراً في الماضي،نصيحتي لكل أب وأم:” لا تترددوا في الإبلاغ وكشف هذه الجرائم، فالستر عليها يتيح لها الانتشار، علينا أن نغيّر ثقافة المجتمع كي نواجه هذه الظاهرة بشجاعة ووضوح”،حفظ الله أبناءنا، ووقاهم كل شر.





