بالدموع مع الدفعة 103حربية
بقلم سماح سعيد:
عند قرآتى لهذا الكتاب انتابتنى مجموعة من المشاعر المتناقضة احساس بالالم على فقد هؤلاء الأبطال وفى الوقت ذاته احساس بالفخر لأنهم حفروا تاريخهم بدمائهم فى قلوب كل المصريين قدمت تلك الدفعه 15 شهيداًتخرجوا منذ عام 2009 من الكلية الحربية (مصنع الرجال) من زينة شباب مصر اكبرهم فى السادسة والعشرين من العمر، و علي الرغم من ذلك لم يخافوا ولم يقلقوا بل اخذوا يتبارون فى الذهاب إلى سيناء لحماية مصرنا الغالية والأخذ بثأر زملائهم .
اتفقوا جميعاً على ان يجمعوامن بعضهم تكلفة هذا الكتاب ليكون صدقة جارية على ارواح زملائهم الشهداء واختصوا مستشفى سرطان الأطفال 57357 بتوزيع هذا الكتاب على الأطفال المرضى وزائرى المكان لما لهذا الصرح الطبى من مكانة خاصة بقلوب ضباط الجيش المصرى حيث انهم حريصون على التواصل مع الأطفال المرضى للتخفيف عنهم ومساعدتهم قدر ما يستطيعوا ماديا ومعنويا.
طلبوا من الأديب والطبيب ابراهيم شلبى احد أطباء علاج الأورام المستشفى كتابة هذاالكتاب ليحكوا للعالم كم التضحية والفداء الذي يقدمه هؤلاء الأبطال من اجل راحتنا والحفاظ على وطننا كى ننعم بالسلام والأمن و كيف كانوا يتركوا ابناءهم وأسرهم فى المناسبات والأعياد التي يجتمع فيها كل الشعب المصرى مع اسرهم وذويهم وهم يؤدون واجبهم المقدس بكل حب وتفانى .
وراء كل منهم قصة وأسرة وآمال واحلام ..تركوا طموحات لم تكتمل ..طفلا يحبو ..جنيناً في بطن أمه ..بيتاً لم يتم بناؤه ..بدلة زفاف مازالت تنتظره ،منهم من شارك فى كتابة هذا الكتاب وهو النقيب حسام شرف الدين الذى أصابته صدمة عصبية بعد استشهاد صديقة المقرب مصطفى حجاجى الشهيد رقم 15 من الدفعه 103 وبعد تعافيه من الصدمة استشهد بعد أسبوع من رجوعه لعمله فى سيناء لن يمهله القدر لاستكمال كتابة مذكرات أصدقائه من الدفعه بل التحق بركب الشهداء .
لا يسعنى فى هذا المقال حصر اسماء الشهداء لان وراء كل شهيد فصل يحتاج الى سلسلة مقالات لكى احكى عنه ولكن اعتقد ان مصر والعالم لم ينس مشهد الشهيد احمد محمد ابو العطا التى بدأت طائرته تتهاوى بعد اشتعال النيران بها إثر اصابتها بصاروخ أرض جو فى الخامس والعشرين من يناير 2014 واستشهد احمد وأربعة من زملائه ، لن أنسى أبدا صوتهم وهم يتسابقون قبل ارتطام الطائرة بالأرض مرددين الشهادة عدة مرات.
يحكى الكتاب قصص تدمع لها العين وتدمى القلب فمنهم من تَرَكُوا امهاتهم وآباءهم واهلهم وزوجاتهم واولادهم ، اختلفت الأسماء ولكن النهايات واحدة ، الابن يرجع الى أمه فى نعش ملفوف بعلم مصر وتقف حائرة فى الوداع الأخير لفلذة كبدها ، منهم من تحتضن بدلته العسكرية او تُقبل الشهيد ومنهم من تعطينا مثلا للصبر والجلد وتتباهى بأنها ام الشهيد واثقة بالنعيم الذى ينعم به عند ربه (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )،وفى النهاية جميعهم يفيقوا من هول الصدمة على صوت الزغاريد التى تزف الشهيد إلى مثواه الأخير.
*كلمينى يا رصاصة ..كلمينى طمنينى ..لما كنتى فى قلب ابنى اتوجع ؟
*طب كان بيبكى ..؟طاب مات جدع ؟طب حس بيكى أو اتصرع ؟
*وانتى داخلة بكل قسوة تقتليه ..
*كنتى عارفة انك رايحة تحرميه من حياته ومن حياتى ؟!
*هو كان أطيب ولادى ..كان يوماتى يبوس إيديه …
*ويقرا كل اللى فى عنيه ..وكان بيقضى حاجاتى ليه ..
*كنت لما يوماتى أصلى ادعيله من كل قلبى ..
*يفضّل طول حياتى سندى ..وبعد ما اموت لى صدقة
*بس عشت وهو مات..
*إرهاب خد عمره سرقه..وساب بموته فى قلبى حرقه..
*يا رصاصة هو انتى حالفة تختارى الشباب ؟
*وبعد موتهم برضه حالفة تسكنى جوه قلب الأمهات ؟
اعرف ان هناك الكثير والكثير من الأبطال والشهداء فى العديد من الدفعات ولكن الدفعه 103 اكثرهم فى عدد الشهداء فى السنوات القليلة الماضية والجانى فى كل الأحوال واحد هو شخص تجرد من انسانيته لا يمت للإسلام ولا للمسلمين بأى صلة بل يتخفى تحت ستار الاسلام وان اختلفت المسميات ،(انصار بيت المقدس -داعش -ولاية سيناء) رحم الله شهداءنا و تبقي مصر ولادة و ستظل محروسة رغم أنف الحاقدين فهى التى قال عنها سيدنا نوح ” الارض الطيبة المباركة التى هى أم البلاد وغوث العباد ” وكذلك اختصها أبونا آدم فى دعائه “لا خلتك يا مصر بركة ،ولا زال بك حفظ، ولا زال منك ملك وعز”