أهم الأخبارمقالات

قوارب الموت

بقلم سماح سعيد :

فى بداية مقالى أوجه خالص التعازى الى أسر ضحايا مركب رشيد الذى راح ضحيته العشرات من الشباب والاسر الأبرياء ، تأخرت فى الكتابة عن هذا الحادث المأسوي حتى اسمع وجهات النظر ، لانى دائما أحب ان ابنى وجهة نظرى من حيث ما انتهى الآخرون .

ولكن ما أوجعني فعلاً هو رأى البعض الذي يري ان هؤلاء الضحايا لا يستحقوا الشفقة ولا الرفق بهم حتى بعد موتهم ، لأنهم يَرَوْن ان الضحايا ما هم الا ناس جشعة تأكلهم نيران الطمع فاخذوا يلهثوا وراء المال .

وهنا تعجبت من حال هؤلاء الناس ، هل هذا تفسير يليق بإنسانيتكم ان كانت موجودة بالفعل ، حتى وان كان هذا رأيكم كيف تتجرأ ألسنتكم على إطلاق تلك الرصاصات على جثث الموتى التى كانت تفترش البحر وشاطئه ، هل عشت ظروف من طاوعته نفسه للهروب فى تلك القوارب المشئومة ، بالتأكيد أنا لم ابحث عما كان يجيش فى صدورهم من صراع ، مابين وضع اقتصادى متردى وبطالة تطاردهم فى كل مكان .

هناك من يقول ان الأموال التى جمعوها للهجرة غير الشرعية تكفى لإقامة اى مشروع داخل بلدهم ، فلنقيم الحجة على هذا التفسير ، حددوا أنتم ما هو المشروع الذى يستطيع الشاب أن يبدأ من خلاله بمبلغ لا يكفى حتى بجلب شبكته او حتى شراء من الاثاث حجرة لتأسيس منزل ان كان مقبلا على الزواج ، وحتى ان كان متزوجا فالمبلغ الذى يوفره او يقترضه من احد لتلك الهجرة بالتأكيد كلنا نعرف ان هذا المبلغ لا يكفى مصروفات بيته و تعليم أولاده و علاجهم .

الخلاصة يا سادة ( ما حدش بيرمى نفسه فى الميه الا اذا كان عايش فى النار ) وحتى ان كنّا نرى ان هؤلاء الضحايا أساءوا التفكير فهذا لا يعفى أبدا الحكومة من المسئولية  ليست الحالية فقط بل الحكومات المتعاقبة على مدار السنوات الماضية لأن تلك الظاهرة انتشرت من فترة طويلة ولكنها استفحلت في تلك الأيام .

أصابع الاتهام دائما ما تشير الى الحكومة والمسئولين وبالفعل هم السبب وراء تفشى تلك الظاهرة التى تحصد ارواح شبابنا ، أين تطبيق القانون على مافيا الهجرة غير الشرعية ؟،هم يعملون على مرأي ومسمع من المسئولين ، فهناك من القرى من اشتهرت بتجارة الهجرة غير الشرعية مثل قرية ميت الكرما فى مركز طلخا التابع لمحافظة الدقهلية ، الذى تعرف بالقرية الإيطالية نتيجة لشهرتها فى هجرة الشباب الى إيطاليا ، وبعد رجوعهم بثروات ضخمة حولوها إلى قطعة من إيطاليا ، شأنها شأن القرى التى تشتهر بزواج العذاري القصر الى السياح الأجانب ، وهناك القرى المعروفة بتخزين المخدرات .

كل هذا وذاك يحدث امام الحكومة وتعرفه تمام المعرفة ، وفى النهاية لا أستطيع ان أقول رفقاً بهؤلاء ضحايا العوز والفقر واليأس ، فمن يأتى باللوم على هؤلاء الضحايا يذكرنى بجيش معاوية بن ابى سفيان عندما تنصل من قتل عماربن ياسر بموقعة صفين مرددين ( قتلهم من أخرجهم ) ، وهنا أقول قتلهم من اضاع مستقبلهم فى العيش داخل وطنهم حياة كريمة .

سماح سعيد

حاصلة على ليسانس آداب قسم إعلام جامعة الاسكندرية تدربت بالاهرام المسائي وقسم المعلومات بجريدة الأهرام اليومية وعملت بموقع مصر البلد الإخبارية محررة مؤسسات وهيئات خيرية ، وتعمل حاليا صحفية بموقع نافذة مصر البلد مسئولة عن أخبار وزارة التعليم والصحة والبيئة
زر الذهاب إلى الأعلى