من كان منكم بلا خطيئة فليحاسب شيرين
بقلم سماح سعيد:
أصبحنا فى السنوات الأخيرة أكثر حدة فى الطباع ، سواء فى الحوارات وتبادل الرؤى أو فى التعاملات اليومية بين الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل وكذلك الغرباء، نتطاول على بَعضُنَا البعض سواء بالألفاظ وأحيانا يصل إلى الإشتباك الجسدي .
حاولت مراراً وتكراراً أن أَجِد ما السبب وراء هذا التحول اللا أخلاقى ، وهل المجتمع هو المسئول عن ذلك أم الظروف الإقتصادية وضغوطات الحياة ، أم الأسرة والبيئة المحيطة والتنشئة الإجتماعية ، فى النهاية لم أَجِد إجابة لتلك الإسئلة سوى ان إفتقار الأخلاق هو المحك الأول والإخير لكل ما نراه فى المجتمع من مشاكل .
كتبت مقالى هذا بعد الثورة العارمة التى شنها الكثيرون ضد المطربة شيرين عبد الوهاب ، عندما طلبت منها إحدى المعجبات بحفلة لها بدولة لبنان أن تغنى لها أغنية ( ما شربتش من نيلها ) ، فردت بروح المداعبة والهزار قائلة : حيجيلك بلهارسيا ، أنا كلى ثقة بأنها لم تقصد أى تقليل من شأن مصر ، لأننا جميعاً نعرف قدر بلدنا ليس فى لبنان فقط بل وفى الوطن العربى .
ولا اعفى شيرين من العتاب لأن الفنان الحقيقى لابد أن يكون قدوة ، ولكن دعونا نقدم لها النقد البناء وليس النقد اللاذع والهدام ، ممكن تكون قد أخطأت فى طريقة الهزل وفى المكان ولكن ليس معني ذلك أن نعلق لها المشانق ، نقابة المهن الموسيقية وهى الموكل لها بمعاقبتها فى هذا الشأن أصدرت قرار بوقفها عن الغناء .
وبعيداً عن عبارة المطربة شرين فهل تعلم أن هناك 72 مصرفا من أسوان إلى القاهرة ،تصب 13,7مليار متر مكعب سنويا من مياه الصرف الزراعي المحملة بالمبيدات والكيماويات في نهر النيل ومنها مبيدات محظور تداولها كما أن هناك 872 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي يتم صبها فى النيل أيضاً وفقاً لتقارير وزارة البيئة.
فهل قالت شيرين كذباً ، فتلوث مياه النيل من المعروف إنها تسبب الكثير من الإمراض منها الملاريا و أمراض الكلى والكبد بل وقد تؤدى إلى التسمم .
ولكن ما أراه عبر صفحات التواصل وغيره من القضايا التى تم رفعها ضدها ، إلى جانب وصلات ( الردح ) من بعض زميلاتها فى الوسط والتى لا تنم إلا على غيرتهن منها ، هو ما آثار حفيظتى وجميعهم يعايرونها بفقرها وهذا ليس عيباً أبداً أن تكون من أسرة فقيرة وأنها أجتهدت ووصلت إلى هذه المكانة سواء فى مصر أو فى الوطن العربى .
كلنا فقراء إلى الله والغالبية العظمى من المصريين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة والفقيرة ألم يشفع لها تاريخها الغنائى الذى طالما فرحنا لسماع صوتها بل وأبكانا مثل ( سلم على الشهداء اللى معاك – كده ) ، وحتى أغنية ما شربتش من نيلها صاحبة الجدل الدائر فأنها من أكثر الأغانى التى نستلهم منها روح الوطنية وتعزيز الإنتماء لمصر .
أتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ، والراحمون يرحمهم الله ، شيرين تكاد تكون الصوت الغنائى النسائى الوحيد منذ سنوات التى ترفع أسم مصر فى الداخل والخارج وهى سفيرة فى مجال الفن خاصة بعد انهياره فى الفترة الاخيرة .
مصر لا تحتاج إلى حناجركم الزائفة يا مدعى الوطنية ،بلدنا بحاجة إلى من يسلط الضوء علي مشاكلها لكى يعى ذوى الأمر طرق العلاج ، هى أشبه بالمريضة التى تحتاج إلى مشرط جراح ماهر لعلاج جروحها وليس لاغلاق الجرح وهو ملوث وإلا لن تشفى أبدا.