عذرا يا رسول الله بددنا ميراثك !!!
بقلم سماح سعيد:
إحتفلنا منذ أيام بمولد خير الآنام سيدنا محمد (ص) خاتم الرسل والأنبياء مرت على ذكرى مولده الرابع عشر قرناً ، الجميع يتبارون فى هذا اليوم بالتفاخر والتباهى بصفاته السمحة وأخلاقياته التى سارت نبراساً بين الأمم لمن أراد الأهتداء والسير على الطريق القويم .
سيدنا محمد يعد قاموساً أخلاقيا لخصال النبلاء والشرفاء والذى لا تعد ولا تحصى كالعدل والصدق والرحمة والإنضباط والأمانة وغيرها من الصفات الحميدة التى لو تحدثنا عنها لن يكفينا سلسلة مقالات ،ولكننى دائما أرى أى مناسبة من منظور آخر أعمق وأبعد عن الحلوى التى يتصارع الناس على شرائها أو ترديد الأغانى والشعارات الدينية إحتفالا بتلك المناسبة العظيمة ، وأنا لست ضد تلك المظاهر الإحتفالية لتكريس فكرة الإحتفال بهذا اليوم حتى تتوراثها الأجيال عبر الأزمنة .
ولكن هناك سؤالا يطرح نفسه دائماً فى أروقة مخليتى ماذا أخذنا من صفات رسولنا الكريم فى أخلاقنا ؟ أحقا أستطعنا الحفاظ على تركته الأخلاقية أم أننا اهدرناها وأبخسنا حقها ؟، هل نستحق هذا الميراث الضخم والذى لا يقدر بالمال أم إننا بددناه بظلام الجهل وعتمة البصيرة ؟ .
الأجابة بالتأكيد لا وألف لا لم نأخذ منه إلا القليل أصبحنا مسلمين بالمظهر وليس بالجوهر ، نتكلم أكثر مما نعمل ، نكذب على أنفسنا وعلى من حولنا أكثر من أتباع الصدق فى السر والعلن ، نرتعد خشية نظرة المجتمع إلينا فى حال أرتكابنا الاخطاء أكثر من خوفنا من الله ، أصبحنا نهتم بالزى الإسلامى الخارجى حتى يعطى إنطباعا لدى الآخرين بالإحترام وليس لقناعتنا به والتزاما بتعاليم ديننا الحنيف وبأخلاق نبينا العظيم .
توهنا فى غياهب دنيانا وتشدقنا بقشور الدين دون التعمق فى فحواه ، نحاول إدعاء التدين ونحن أبعد ما نكون عن جوهره ، كثر عدد من يدعون نفسهم أئمة وقل عدد المنصتين لهم بل أصبحوا السبب الرئيسى فى نفور الكثير منا وعزوفهم عن أقوالهم او حتى مشاهدتهم بسبب تضارب فتواهم وعدم أتباعهم ما يقولون ،وبالأحرى باتوا عارا على الدين أنحسر دروهم فى إبتكار الفتاوى الجديدة على سيبل المثال حق الرجل والمرأة فى الميراث ، هل تلبس المرأة النقاب أم لا ، وغيرها من الموضوعات الواهية التى لا تفيد المسلم بشئ سوى إحداث بلبلة فى المجتمع وإنشغال الناس بقضايا بعيدة كل البعد عن قضاياهم الحياتية أو المجتمعية ، وكل هذا إما لمجرد الشو الإعلامى أو لأهداف سياسية تم إستخدامهم لتفريع الدين من معانيه الجميلة وتطويعه لأهدافهم اللاأخلاقية ، أصبحنا نكذب وننافق ، و نغتاب بعضنا البعض ، نسرق ونقتل .
كلامى ليس بشكل عام فلكل قاعدة شواذ ولكن الصورة العامة أصبحت قميئة وتنم عن إبتعادنا شيئا فشيئا عن تعاليم ديننا الحنيف وأخلاقيات رسولنا الكريم ، الأخلاق مصدرها الحقيقى المعرفة والثقافة والدليل إن الرسالة نزلت على سيدنا محمد وهو لم يكن مسلما وقتها ولكنه كان مشهودا له بين قريش بصفاته وأخلاقياته العظيمة ، وهناك الكثير ممن لا يؤمنون بأي من الأديان ولكن لديهم أخلاق وآخرين يملكون الدين ولكن على حرف دون العمل بقواعده .
فليكن يوم مولد رسولنا بداية لثورة تصحيح ، بمعنى أن نراجع أنفسنا أولا حتى نعرف ماذا قدمنا له فى يوم مولده ، عذرا يا رسول الله فنحن غير جديرين بسيرتك العطرة ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، كل مولد نبوى وانتم أقرب إلى أخلاق خاتم المرسلين .