لجنة أولاد الأكابر
بقلم سماح سعيد:
حاصرتنا فى الأيام الماضية قضية الغش بلجنة مدرسة الشهيد محمد لطفى الثانوية العامة بمدينة بيلا فى محافظة كفر الشيخ ، والتى كانت محل أنظار الجميع وذلك بعد حجب نتيجتهم من قبل وزارة التربية والتعليم نظرا لتطابق إجابات 390 طالبا ،و الغريب فى تلك المشكلة إن عملية الغش تمت تحت مرأي ومسمع وبموافقة أولياء الأمور ، بل والأكثر من ذلك تجمهرهم إعتراضا على قرار الوزارة وكأن غش أبنائهم حق شرعي لابد من الحصول عليه، هو تصرف يمثل تحديا سافرا للدولة ضاربين بكل القوانين والمعايير الأخلاقية والاجتماعية عرض الحائط .
وكذلك أظهرت تحقيقات وزارة التربية والتعليم إعتياد الطلاب ضعاف المستوى الامتحان اللجوء لهذه اللجنة لما لها من شهرة فى تيسير عملية الغش والمعروفة بأسم لجنة أولاد الأكابر ، فقديما كانت تلك الظاهرة تشتهر بها بعض اللجان فى المناطق النائية لتزحف إلينا فى السنوات الاخيرة و تنتشر كالآفة بباقى محافظات الجمهورية ، وكان لتطور الوسائل التكنولوجية دور فى تصاعد وتيرتها بعد أن أساء الطلاب إستخدامها .
هنا لا أدافع عن وزارة التربية والتعليم التى لطالما انتقدت ولازلت أنتقد فشلها الذريع فى أغلب قراراتها ، إلا أن المسئولية هنا تحديدا تقع على الأسرة والسلطات الأمنية ، فالبيت هوحجر الزاوية لغرس بذور الأخلاقيات في الفرد والتى إن صلحت صلح قوامه طوال العمر ليعطى لنا شبابا نافعا لنفسه قبل مجتمعه ، وإن فسدت تلك الزروع لإنتجنا قنابل موقوتة تهدد أسرها قبل مجتمعها .
وأوجه سؤالى للأم أكثر من الأب لأن الأب أكثر الوقت منشغلا بعمله لسد احتياجات الأسرة ولظروف الحياة والمعيشة الصعبة وهو ما يجعله ليس عليه عبء التربية بنفس قدر مسئولية الأم ، كيف تتقبلين فكرة أن إبنك أو أبنتك يمارسان الغش فى الإمتحان ؟ و تستبيحين لهما حقا ليس لهما ؟ ، ألم يتطرق لذهنك أنه البداية للعديد من الجرائم مثل السرقة والرشوة لأنه أعتاد كسر القوانين و انتهاكها وسط تغطية و رضا من الأسرة بل والدفاع عنه ؟!.
فى رأيى المتواضع أن الأسرة التى تربى أطفالها على استباحة الغش لابد وأن تعاقب قبل الطفل لإنها تزرع داخله صفات الطمع ، والتمرد ، والانتهازية، لتخلق لنا فى النهاية شخصا سيكوباتيا يعتريه المنطق البرجماتي ( الإنتهازية ) للوصول لمكاسب ليست من حقه وإغتصاب حقوق غيره، وهو ما يؤدى إلى إنهيار مبادئ العدالة والصدق وإحترام العمل ليعلو فيه صوت الباطل ويتوحش وهو ما يجعل المجتمع مخترقا مهلهلا تنتشر فيه أفكار النفعية والإنتهازية و يصيب ضمير المجتمع فى مقتل .
ومن هذا المنطلق أناشد السلطات الأمنية القيام بدورها على أكمل وجه فى حماية المدرسين والقائمين على العملية الإمتحانية والتى يتم الإعتداء عليهم جهارا نهارا فى حالة تصديهم لعملية الغش ، وكذلك الضرب بيد من حديد على أولياء الأمور قبل الطلاب الذين يتباهون بقوتهم وسيطرتهم داخل قريتهم أو مدينتهم ليعرفوا أنه لا يوجد أحد فوق القانون .