همسات النافذة …بقلم علاء الداودي
إياك أن تظن أن مقياس الصواب في الدنيا ومقياس الصلاح في الدين هو الحالة التي أنت عليها والتي أنت راض عنها ، فرُبّ وقت مضى رضيتَ فيه من نفسك ما لا ترضاه اليوم من غيرك من الناس ، فدع الخلق للخالق ، واعمل على إصلاح نفسك ولايكون مبلغ علمك ومنتهي حلمك أن تنقد في أحوال الغير علي أساس أنك نموذج لابد أن تحاكيه سائر الأمم..للأسف نعتبر أنفسنا ” النموذج ” الذي يُقاس عليه سائر الناس ؛ فمن زاد علينا فهو من أهل ” الإفراط ” ، ومن نقص عنا فهو من أهل ” التفريط ” .فإذا وجدتَ من ينفق إنفاقك فهو معتدل كريم ، فإن زاد فهو مسرف ، وإن نقص فهو بخيل … ومَن يملك جرأتك فهو عاقل ، فإذا زاد فهو متهور وإذا نقص فهو جبان …ولا نكتفي بهذا النهج في امور الدنيا بل نوسعه حتى يشمل أمور الدين ، فمَن عبد عبادتنا فهو من أهل التقوى ، ومن كان دونها فهو مقصر ، ومن زاد عليها فهو متزمت .وبما أننا جميعاً نتغير بين وقت ووقت وبين عمر وعمر ، فإن هذا المقياس يتغير باستمرار ، فربما مَرّ علينا زمان نصلي الفرض دون السنّة ، فنحس في قرارة أنفسنا بالأسف على مَن يفوّت الصلاة ونراه مقصراً ، لكننا لا نرى بأس في الذين يقتصرونها على الفرض … فإذا تفضّل الله علينا وصرنا من المتنفّلين نسينا أننا لم نكن منهم ، ونظرنا إلى من لا يتنفّلون بعين الشفقة.