درس الكورونا ..بقلم علاء الداودي
تعلمت من أزمة كورونا درسا من أعظم الدروس… ألا وهو غلاء الأرواح ورخص الأجساد…
فأجسادنا التي نفني أعمارنا من أجل تخمتها وزينتها، بل ربما نصالح ونخاصم،ونحب ونكره من أجلها…إذا بها حين يسري المرض في داخلها يأنف أعز الناس من اقترابها مخافة العدوى، وربما يدفن الجسد الذي كان عزيزا كريما منعما دون غسل أو وداع أو صلاة إلا من قلة ممن حنن الله قلوبهم على صاحب النعش فصلوا عليه..
هكذا الأجساد يملؤها رغيف، ويفنيها فيروس، ويحيل بينها وبين أعز حبيب خوف عدوى!!
دعا عمر بن عبدالعزيز أمراء بني أمية للغداء، وأمر الخادم أن يؤخر الطعام حتى كاد الجوع أن يهلكهم، ثم وضع أمامهم تمرا يتصبرون به، فانكبوا عليه حتى أجهزوا عليه وشبعوا… فلما وضع اللحم أكلوا منه أكلا خفيفا…فقال لهم:
“أرأيتم بطونكم؟! أشبعها التمر كما أشبعها اللحم!!
من أدخلته بطنه النار فأبعده الله.”
أما الأرواح فغير ذلك…
الأرواح لا يهلكها مرض، ولا يضعفها ظلمة كهف ولا سجن..
لأن غذاءها سماوي لا أرضي ومدادها رباني لا بشري..
عمران بن الحصين صاحب رسول الله ظل طريح الفراش ثلاثين سنة وبسمته على وجهه،وإشراق نفسه كما هو، حتى أن الملائكة كانت تأتيه تسلم عليه كما صح في الحديث، لأن الروح متى قويت لا يؤثر في صاحبها طويل مرض، أو عظيم ابتلاء أو شديد محنة..
فكم من الناس انتهشه المرض، أو اعتراه الأذى، وما زال نور روحه لم يخفت، وبريقها لم يذهب..
لذلك قال الشاعر:
أقبل على النفس واستكمل فضائلها***فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان.
ومع ذلك ترى الكثيرين منا يهلك نفسه من أجل جسم فان، وبطن يشبعها تمرات، وينفِّر منها أقرب الناس ميكروب أو فيروس !!
انشغلوا بأرواحكم، وابذلوا جهودكم في بقاء إشراقها، بتطهير الباطن مما يظلمها من أحقاد أو أضغان، وإنارتها بما يصلحها من حب الخير، وبذل المعروف، واستعينوا على ذلك بالآية والذكر وطول السجدة، وصحبة الصالحين…
فإن الروح المظلمة لا تصلح معها أجساد الدنيا…بينما الروح المشرقة تحيا ولو بربع جسد !!