العمر فرصة لن تعود
د / بشير عبد الله علي
من علماء الأزهر الشريف
مضى عام وأتى عام وهكذا ينتهي العمر يا إنسان والعمر فرصة لن تعود فلك الساعة التي تحياها الآن فإنك لا تدري ما يأتي بعدها والأرواح بيد الجبار متى أراد قبضها ، قَبَضها .
ومن أجمل ما علمنا في قوله تعالى : (( واللآخرة خير لك من الأولى )) أي أن الساعة التي تحياها الآن خير لك من الساعة التي مرت عليك .
لأن الساعة التي مرت عليك ربما تحملت فيها معصية ، والآن ما زلت حيا عليك أن تغتنم الفرصة وتعقد العزم وتصدق النية في السير على نهج خير البرية صلى الله عليه وسلم.
تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، وإن المؤمن بين مخافتين : أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه ، وأجل باق لا يدري ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد من دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الممات ، فوالذي نفسي محمد بيده ما بعد الدنيا من دار سوى الجنة أو النار ))
المسلم الحقيقي هو الذي يقدر قيمة الوقت فلا يضيعه في اللهو والفجور والخلاعة والمجون .
بل يدرك تمام الإدراك أن عمره هو رأس ماله وأن كل عمل يعمله فيه محاسب عليه وحده.
يدرك قول القائل : ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
يدرك تمام الإدراك قول الحكيم : من أمضى يومه في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو خير أسسه ، أو حمد حصله ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه وظلمه .
فكم من عاق ليومه بالغيبة والنميمة والكذب وقول الزور….
كم من عاق ليومه بالغل والحقد والكره ….
كم من عاق ليومه بالفسق والفجور والخلاعة والمجون…
فيا من غره طول الأمل ، وضيع عمره في سيء العمل ، الموت يأتي فجأة ، والقبر صندوق العمل.