فروا إلى الله بقلوبكم لا بهواتفكم
بقلم سماح سعيد:
العبادة هى نوع من العلاقة الروحية بين العبد وربه دون التفاخر والتباهى بها ، فهى زاد المؤمن وزواده للتكفير عن ذنوبه وسيئاته وثروته الحقيقية التى تسبقه إلى الآخرة و الملاذ الآمن من صخب الحياة وضجيجها إلى عالم الزهد والترفع عن متطلبات باتت تحاصرنا وكأننا أسرى حروب.
وطاعة الخفاء لا تخرج إلا من قلبٍ كريمٍ قد ملأ حبُ اللهِ سويداءَ قلبه فأنكر نفسه وأخفى عمله، وتجرد لله يريدُ القبول من مولاه، اكتب هذا المقال بعدما شاهدت يوم وقفة عرفات لحجاج بيت الله الحرام لموسم الحج 1444ه _ 2023م وهم يقفون فى هذا المشهد الجلل الذى تقشعر له الأبدان و هم يلتقطون الصور الفوتوغرافية عبر هواتفهم و إجراء البث المباشر أو تسجيل مقاطع فيديو.
أعرف أن هذه التصرفات تمثل حرية شخصية وتأتى تعبيرا عن فرحتهم وحبهم للتواصل مع الآخرين فى تلك اللحظات الفريدة ، وهى ليست المرة الأولى فكثير ما رأيت تلك الصور و هذه السلوكيات خلال موسم العمرة ، وكذلك عند الدعاء لبعض الأهل أو الأصدقاء فنجد من يقوم بتصوير تلك الدعوة و يرسلها .
اقول ذلك و في يقيني أن الإيمان الحقيقى ليس بالتمنى ولا بالتحلى إنما ما وقر بالقلب وصدقه العمل ،فخير العبادات والادعية ما كان سرا لإرضاء الله وطاعته لا لاسترضاء الناس والتفاحر بها ، وعلينا جميعا الإعتراف أن وسائل التواصل بعدما أحدثت طفرة فى المجتمعات أصبحت وباء نعانى منه حتى فى تلك اللحظات الايمانية و الروحانية ، لتأخذنا بعيدا عن جوهر الشعائر والطقوس الدينية، فلا تجعلوا تلك الوسائل تسرق منكم هذه النفحات الربانية، واغتنموها فقد لا تعود مرة أخرى، وكل عام وأنتم بخير