يا حلاوة الدنيا يا حلاوة
بقلم عائد خصباك :
“عن ليلى مراد وحورية حسن”
كنت مع جمال الغيطاني في القاهرة القديمة، وله فيها كتاب “قاهريات مملوكية” صدر في “سلسلة اقرأ” التي أصدرتها “دار المعارف” عام 1990، الغيطاني مغرم في قاهرته المملوكية والفاطمية بكل ما فيهما: القلعة والميادين والمدارس والكنائس والمساجد والبيوت. في كتابه هذا حكايات من تاريخ مصر الإسلامية وتاريخ الخطط والأماكن الأثرية في العصر المملوكى. عند وكالة الغورية شربنا “العرق سوس”، وعند باب زويلة توقفنا عند كل حجر، توقفنا في “درب الطبلاوي” عند أطلال ما كان يسمى: “المسافر خانة”، وعندما أردنا الراحة جلسنا في مقهى عند “جامع الحسين” طلب جمال الشيشة هناك وأخذ يسحب الأنفاس.
حيّتنا امرأة لها ملامح جمال ما زال آسرًا، ودعاها جمال للجلوس معنا، جلست في الحال.
قال: هذه المرأة عرضت عليّ يوما أن أرافقها ونذهب إلى شقة “ليلى مراد” في “جاردن ستي” وأنا لم أوافق.
قلت: لم توافق؟ وأنا أعرف أنها مطربتك المفضلة، بل أنت لا تهوى صوتًا غيرها! وأنا أعرف أنك عندما اعتقلت مع عبد الرحمن الأبنودي في سجن القلعة سنة 1966 ومعكم الشاعر سيد حجاب كنت تغني لهما ما حفظت من أغانيها.
قال: قد كبرت ليلى مراد في السن وكانت مريضة، كنت أريد أن تبقى صورتها في ذهني يوم غنت “أنا قلبي دليلي” في ذلك الفيلم مع أنور وجدي.
قالت المرأة: يا حلاوة االدنيا ياحلاوة. قلت: هذا مطلع أغنية لفتحية أحمد صاحبة الصوت المعجزة، ومن كلمات بيرم التونسي وألحان الشيخ زكريا أحمد.
بعد ذلك أخذ صوتها ينساب ناعمًا يضرب الهواء المحيط بنا بأجنحة الفراشة: يا حلاوة الدنيا يا حلاوة، يا حلولو يا حلاوة. قلت لجمال: غنّ. قال: لا أغني الا لأغاني ليلى مراد. تابعت المرأة بصوتها الساحر: حلاوتها لما تصفالي، أنا وانتو واللي في بالي، يبقالي وجه مرغوبي، وكفاية وجه محبوبي، والباقي كلّه يتساوى، يا حلاوة الدنيا يا حلاوة، يا حلولو يا حلاوة.
” من الفصل 36 من كتاب سيرتي القاهرية”