ضلمة ونور
بقلم ريهام عبد الواحد :
نادرا إذا كان مستحيلا ،أن يعترف أحدهم بجانبه المُظلم
، حيث يجاهد الإنسان دوما في أن يظهر بأفضل صورة ، لهذا فهو دون وعي يُنكر الجانب المظلم الذي هو أيضاً جزء من انسانيته.
..الغيرة ، الحسد ، الرغبة ، الجشع ، الأنانية …كلها مشاعر لا يخلو منها أي إنسان ، لكن لأسباب دينية و اجتماعية ، يتعامل الإنسان مع هذه المشاعر بإزدراء و احتقار رغم أنها جزء لا يتجزء من إنسانيته و يعتبرها عار وجب انكاره و طمسه ..
عندما يتنكر الإنسان للجانب المُظلم من انسانيته ، يكبته و لا يعترف به ،
لكن كبت هذه المشاعر يجعلها تتمرد و تخرج عن السيطرة و بدل أن يتحكم بها الشخص تجدها تتحكم فيه ، فكم من الناس تبدو ظاهريا و كأنها ملائكة ، تتكلم بالفضيلة وتدعو للحب و التسامح بينما في الخفاء تتحكم بها كليا جوانبها المظلمة ،
فتجدها تغش و تخون و تمارس الشعوذة و تحسد و تنصب المكائد و تمارس حقها في اشباع رغباتها ..
هذه الناس تعيش انفصاما حادا في الشخصية ، لأنها لم تستطع التصالح مع جانبها المظلم و لم تستطع الفهم أن الإنسان ليس كاملا و عادي جدا أن يكون كذلك،الغير عادي هو التظاهر و النفاق و الكبت و ارتداء قناع الملائكة…
إذا كان بالإنسان مرضٌ و رفض الإعتراف به ، سوف ينتصر المرض و إذا اعترف به و تصالح معه سوف يُعالجه و يجعل جسمه يتوازن من جديد .
.عادي أن يغار الإنسان ، لكن عندما يدرك ذلك يستعمل غيرته لتحفيز نفسه على النجاح و ليس للحقد و الحسد و بغض الآخر و الرغبة في تدميره .
عادي أن يشعر الإنسان بالجشع و الرغبة في امتلاك الأشياء و لكن عندما يدرك هذا العيب سوف يعلم أن الأرزاق بيد الله و لا يمكن أبدا أن يفوته رزقه ولو كان مخبئا في باطن الأرض .
عادي جدا أن تكون لدى الإنسان رغبات جسدية و هذا جزء من انسانيته ، عندما يتم التعامل معها كأنها عار و ذنب يتم كبتها و بالتالي تصبح هوسا و هدفًا أساسيًا لا يرى الإنسان سواه و قد يتغاضى عن قيم أخرى مهمة جدا و لا يرتبط سوى من اجل اشباع شهواته ، أو يمارسها في الخفاء و ينكر ذلك في العلن ،بينما لو تم التعامل معها على انها حاجة إنسانية عادية من بين حاجات أخرى كثيرة سوف تصبح هذه الرغبة واعية و مرهونة بتواجد الحب و الاحترام و تقدير الذات .
عادي جدا ايضا ان يكون الإنسان أنانيا و يريد لنفسه الخير أكثر مما يريده للآخرين ، لكن عندما يدرك ذلك سوف يحفز نفسه على الفرح لنجاحات و انتصارات الآخرين و يعلم ُأن الذي أعطى غيره قادر أن يعطيه …الإنسان مزيج من النور و الظلام و لا يمكن للنور أن ينتصر على الظلام ، إذا كان الإنسان غير معترف أصلا بوجود هذا الظلام داخله.