أستاذ علوم البيئة فى جامعة زايد :العالم يقف صفا واحدا لمواجهة غول التغيرات المُناخية
160 مبادرة و 84 مليار دولار قيمة التمويلات الداعمة في cop28
حوار سماح سعيد:
التغيرات المناخية اصبحت إحدى قضايا العصر بل تكاد تكون من الأولى والأخطر فى التحديات التى تواجه دول العالم ، بداية الأزمة ظهرت فى النصف الثانى من القرن 20 , حيث ظن الكثير إنها تغيرات طبيعية وكانت تتمثل فى ارتفاع درجات الحرارة زيادة هطول المطر، إلى أن حاصرتنا آثارها السيئة منذ العقود الأخيرة من زيادة نسبة التصحر فى الاراضى الزراعية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب العواصف والفيضانات والجفاف واحتراق الغابات، وهو ما يهدد الأمن الغذائي وينذر بأزمات اقتصادية كبيرة .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أول مرة تمت تناول القضية كان فى مؤتمر المناخ بجنيف عام 1979 ، توالت بعدها المؤتمرات إلى أن وقعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1992 و اختصارها cop وقد تعهدت خلالها الدول المتقدمة اقتصاديا بتقديم الدعم المالى للدول الأكثر تضررا من آثار التغيرات المناخية والتي تعانى من الفقر بقيمة 100مليار دولار سنويا ووفقا للتقارير ستحتاج تلك الدول من 5 إلى 6 تريليون دولار ما بين عامى 2030 حتى 2050 .
وتوالت منذ 28 عاما سلسلة مؤتمرات المناخ والتي أصبحت بمثابة تظاهر دولية لعرض قضايا و هموم و اوجاع البيئة و يقدم خلالها أحدث الأبحاث العلمية وتعرض الرؤى والتجارب، لاستنباط كل ما هو جديد ومفيد ،و قد استضافته مصر العام الماضى cop27 فى مدينة شرم الشيخ وكان يحمل عنوان( قمة التنفيذ) ،أما آخر محطاته لهذا العام كانت مدينة دبى فى دولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث انعقد مؤتمر الأطراف خلال الفترة من 30 أكتوبرحتى 12نوفمبر 2023، لاستكمال خطوات وإجراءات التصدى لآثار التغيرات المناخية على المستوى الدولى ،حيث شاركت به 194دولة.
وكان لموقع نافذة مصر البلد السبق فى إجراء هذا الحوار مع الدكتور المهندس سهيل الغفلى الرئيس المساعد لقسم علوم الحياة والبيئة بكلية العلوم الطبيعية والصحية فى جامعة زايد للتعرف على ما دار فى اروقة مؤتمر الأطراف cop28 وعدد المبادرات والتمويلات التى تمت وهل ستنجح فى تلك الخطط فى مجابهة التغيرات المناخية على المدى البعيد فى ظل الطفرة التكنولوجية التى يشهدها العالم وإليكم نص الحوار :
_كم مرة شاركتم فى مؤتمرات المناخ ؟
شاركت بالعديد من مؤتمرات المناخ منذ أكتوبر عام 1990 فى جنيف ،تلاها عدة مؤتمرات متخصصة كان آخرها cop 27 فى مدينة شرم الشيخ بالقاهرة حتى وصلنا إلى cop 28 فى دبى .
_هل ترى أن تلك النوعية من المؤتمرات مجدية ؟
بالتأكيد، ،مؤتمرات المناخ بالغة الأهمية ، للكشف عن توجهات دول العالم فى وضع استراتيجيات التى من خلالها تعمل على تقليل مصادر الانبعاثات والنفايات وكل ما من شأنه أن يؤدى إلى تدهور البيئة .
_هناك من يرى أن قضية المناخ رفاهية ولا تستحق كل هذا الزخم الإعلامي والدولى فما رأيكم؟
نجاح أى مؤتمر يأتى من خلال التركيز على الإجراءات الفعلية و المخرجات والتوصيات ، فإذا لم تكن حقيقية وتأخذ موضع التفعيل والتنفيذ فى طرحها وممارستها ،فستكون بلا فائدة .
_لماذا طفت إلى السطح حاليا ظاهرة التغيرات المناخية؟
الوقت حاليا أصبح مختلفا ولا يحتمل التأخير لأن المخاطر والكوراث الذى نراها تجعلنا فى حالة استعداد وتأهب دائم ،فلم تعد هناك النظرة القديمة للتغيرات المناخية التى تحمل معانى الريبة والشكوك، ،فالأزمة باتت تحاصرنا جميعا .
_كم عدد المبادرات التى أطلقت على هامش cop28؟شهد مؤتمر الأطراف cop28 فى دبى نجاحا كبيرا منذ انطلاقه وكان خير دليل على ذلك توقيع العديد من المبادرات بلغ عددها أكثر من 160 مبادرة ، إضافة إلى التمويلات الداعمة التى فاقت 84 مليار دولار وهو ما يوضح مدى الحرص الشديد على إيجاد حل جذرى لتلك القضية .
_ما هى أبرز تلك المبادرات؟
هناك أنواع متعددة من المباردات كان أبرزها؛(التبريد) وقد شارك بها 66 دولة ،كذلك (التمويل المناخى) و تشمل 13 دولة ، بالإضافة إلى(الإغاثة والتعافى والسلام)وتعاونت فيها 76 دولة .
بجانب مبادرة (انبعاثات النفط والغاز)وضمت 52 دولة ، حيث تهدف إلى زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة العالمية واشترك فيها 130 دولة هو ما يعد زخما كبيرا ويكشف عن جدية العالم لحل المشكلة.
_ هل ستحل قضية المناخ مستقبلا ؟
تعتمد درجة نجاح تلك الخطط والمبادرات على القدرة على تطبيقها على أرض الواقع وضمان استدامتها ،ولكن علينا أن نعى أنه طالما الإنسان لا زال يعيش على سطح الأرض ويمارس بعض الأنشطة الضارة فمن المتوقع حدوث بعض الاخفاقات ،لكن هناك توجه عام لحل المشكلة بصفة عامة .
_ما الجديد فى cop28 مقارنة ب cop27؟
مؤتمر الأطراف cop28 يعتبر مكملا ل27 ولكن النقطة الفارقة بينهم يتخلص فى ثلاث نقاط؛
أولا ،أطلق عليها( قمة العمل المناخى )من خلال التركيز على الالتزامات المالية.
ثانيا ، تسليط الضوء على حلول الطاقة .
ثالثا،التركيز على الشباب والمرأة باعتبارهما ركائز أساسية فى العمل المناخى نظرا لدورهما الكبير فى التصدى لآثار التغيرات المناخية .
_أين سينعقد مؤتمر الكوب القادم cop29 وكيف تستعدون؟
مؤتمر الأطراف القادم cop29 سينعقد فى مدينة باكو جمهورية أذربيجان ونتطلع أن تكون مكملة ل cop28 من خلال مراجعة وتقييم إجراءات العمل المناخى .
_هل أثرت أحداث غزة على فاعليات المؤتمر cop28 ؟ ولماذا لم تأخذ مساحة من الوقت والمكان لعرضها على العالم ؟
أحداث غزة بالطبع مؤسفة وتدمى قلوبنا وبالفعل كان لها أثر كبير على فاعليات مؤتمر المناخ cop28 على سبيل المثال فى توقيع التعاقدات ،فالعالم أجمع يعمل من أجل ان يعم السلام و نتمنى تحقيق ذلك فى القريب العاجل لضمان تحقيق العدالة .
فالعمل المناخى هو منظومة عمل جماعى وعالمي ووجود أزمة فى انسانية فى غزة سيؤثر بالطبع بصفة عامة، خاصة أن من ضمن مبادئ العمل المناخى هى الحالة النفسية للإنسان فعندما يكون وضعه الصحى والنفسي جيد يصبح أداؤه جيدًا وأكثر فاعلية نتيجة لزيادة وعيه ،لذا يجب أن ننصهر فى بوتقة واحدة وكأننا جسد واحد ونبتعد عن الصراعات والتناحر والحروب والقتل والدمار حتى نحقق أهدافنا فى الحفاظ على الإنسان وبيئته.
_رسالة توجهها إلى المسؤولين عن مؤتمر الأطرافcop28؟
اتوجه بالشكر لكل القائمين واشدد على ضرورة تطبيق الجانب العملى من هذا الزخم البيئى، فنحن نستطيع الحديث فى أمور عديدة عن المناخ ولكنها فى النهاية نظرية إلى أن تظهر على أرض الواقع ،كذلك يجب التركيز على البحوث العلمية والاستفادة منها ،واخيرا الاهتمام برفع الوعى لدى المجتمعات ، فالشعوب هى العنصر الأساسى فى تقليل المخاطر والكوارث من خلال تجنب أسبابها، هذا إلى جانب تعزيز التعاون العالمى والسلام ووضع الأمور فى نصابها الصحيح .
_ما أوجه القصور التى واجهتكم فى التنظيم أو الفاعليات؟
مؤتمر الأطراف cop28 حقق نجاحا عظيما بشهادة المشاركين وهذه ليست وجهة نظر غير محايدة كما سيراها البعض نظرا لكونى أحد أبناء دولة الإمارات ،لكن هذا ما لمسناه من الحضور عبر استطلاعات للراى تم اجراؤها و من الوارد طبعا أن يكون هناك بعض الاخفاقات أو الانتقادات البسيطة ولكننا نتقبلها لأخذها فى عين الاعتبار وتحسين العمل بشكل عام من أجل صحة كوكبنا .