الحرية للتمثال !
بقلم أحمد الدخاخني
كان الطموح الأكبر للرئيس الأول للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن هي إرساء قواعد الديموقراطية واحترام الدستور، فبعد أن قاد جيش التحرير وانتصر على بريطانيا ساراتوجا لتنفصل الولايات المتحدة عنها في أكتوبر عام 1777م، كانت أفضل القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي واشنطن هو تحييد بلاده بين بريطانيا وفرنسا وعدم الانحياز لأي دولة منهما في الصراع الذي دار بينهما بسبب الثورة الفرنسية.
وبعد التحالف الذي بين أمريكا وفرنسا أثناء الثورة الأمريكية على بريطانيا ومرور مائة عام على هذه الثورة، أرادت فرنسا أن تهدي لأمريكا هدية فنية عبارة عن تمثال ضخم أسموه تمثال “الحرية” أو “الحرية تنير العالم” باسمه الرسمي في أكتوبر عام 1886 احتفالًا بهذه المناسبة، والذي يعبر عن سيدة نجحت في التحرر من الاستبداد والعبودية بيدها اليمنى مشعل يضيء العالم بالحرية، واليسرى تمسك كتابًا يرمز إلى تاريخ إعلان استقلال أمريكا عن بريطانيا، أما التاج في رأسها يرمز إلى القارات السبع.
حينما تقرأ تاريخ أمريكا بداية من رياسة واشنطن وإنجازاته السياسية، وخاصة في التحييد بين بريطانيا وفرنسا وعقد معاهدة السلام مع بريطانيا، أتخيل ماذا لو قامت إسرائيل في عهده، هل كان سيسعى لاستعباد دولة شرعية مثل فلسطين؟ أم على الأقل سيكون محايدًا بين فلسطين والصهاينة وعدم السعي نحو إنشاء جيش نظامي للصهاينة مثلما حدث؟.
والآن أعود إلى الحاضر، وأنا أشاهد تظاهرات الحركة الطلابية بجامعات كولومبيا ونيويورك التي يتم فضها بالقوة المفرطة داخل الحرم الجامعي تحت مرأة ومسمع الإدارة الأمريكية لمجرد أنهم ينادون بوقف الإبادة الجماعية ضد أهلنا بقطاع غزة، إلى حد وصف المتظاهرين بإرهاب الطلاب اليهود ومعاداة السامية، متجاهلين أن هناك يهود انضموا إلى هذه التظاهرات أيًا كانت النية سواء تضامنًا مع فلسطين أم خوفًا على سمُعتهم كيهود، لكن أصبح العالم بقاراته السبع يتخيل اعتقال تمثال الحرية، فينادي بالحرية لفلسطين وللتمثال!.