“الأمم المتحدة الإنمائي”: ضغوط اجتماعية واقتصادية على مصر نتيجة لحرب غزة
تقرير سماح سعيد:
يشهد الاقتصاد المصري، الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة والتحويلات المالية وعائدات قناة السويس والديون الخارجية وتدفقات رأس المال، تداعيات الحرب في مختلف المجالات، مما يضغط على مسار الإصلاح الاقتصادي والتنمية في مصر وفقاً لدراسة تقييمية سريعة جديدة أُطلقت اليوم من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
يسلط التحليل الجديد بعنوان “الأثر الاجتماعي والاقتصادي المحتمل لحرب غزة على مصر: دراسة تقييمية سريعة” الضوء على التأثيرات المتعددة للحرب المستمرة في غزة على الاقتصاد والمجتمع المصري ويقدم رؤى لصانعي السياسات وأصحاب المصلحة للتخفيف من المخاطر. ويقدر التقييم التأثيرات من خلال توقعات لسيناريوهات مدتها ستة أشهر (سيناريو الشدة المنخفضة)، وتسعة أشهر (سيناريو الشدة المتوسطة)، وعام (سيناريو الشدة العالية).
ويقدر معدو الدراسة أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر سينخفض بنسبة 2.6% من مستويات العمل المعتاد في السنة المالية 2023-2024 و1.3% في السنة المالية 2024-2025 (سيناريو الشدة المتوسطة)؛ وبنسبة 3.0% في السنة المالية 2023-2024 و2.6% في السنة المالية 2024-2025 (سيناريو الشدة العالية). من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة بسبب الحرب في غزة، مع آثار دائمة. فيرتفع من 7.8% إلى 8.7% في سيناريو الشدة المتوسطة و9.1% في سيناريو الشدة العالية.
وقال أليساندرو فراكاسيتي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر: “تختبر حرب غزة قدرة مصر على الصمود وقدرتها على التعامل مع هذه الأوقات المضطربة، وخاصة التحديات المرتبطة بالصدمات الخارجية”، مشددًا على الحاجة الملحة لمعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لحرب غزة. “تؤكد هذه الدراسة الحاجة الملحة لجهود منسقة للتخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد المصري وضمان التعافي المستدام. ”
تسلط الدراسة الضوء على التحديات الاقتصادية العميقة التي تواجه مصر، حيث تضررت مصادر الإيرادات الرئيسية للبلاد من السياحة وقناة السويس بشدة نتيجة للهجمات في منطقة البحر الأحمر، وما تلاها من تداعيات على النقل البحري مما أدى إلى تفاقم الضائقة الاقتصادية واستلزم اتخاذ تدابير انتعاش سريعة.
ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الانخفاض في إيرادات السياحة وقناة السويس في السنتين الماليتين 2023-2024 و2024-2025 بحوالي 9.9 مليار دولار (سيناريو الشدة المتوسطة)، و13.7 مليار دولار إذا اشتدت الحرب بمشاركة دول إقليمية أخرى والجهات الفاعلة (سيناريو الشدة العالية).
بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات إلى تراجع محتمل في مؤشر التنمية البشرية في مصر، والذي قد يصل إلى مستويات السنوات السابقة ويؤثر على التقدم المحرز في فترة ما بعد فيروس كورونا. وتظهر عمليات المحاكاة أن مؤشر التنمية البشرية سينخفض من 0.728 في عام 2022 إلى 0.726 في سيناريوهات الكثافة المنخفضة والمتوسطة بينما سينخفض في سيناريو الكثافة العالية إلى 0.720، مما يدفع التنمية البشرية في مصر إلى مستوى 2021 في السيناريوهين الأولين. وإلى المستوى المسجل عام 2018 في السيناريو الثالث، وهو ما يمثل خسارة تصل إلى خمس سنوات في مكاسب التنمية البشرية.
لذا تسلط الدراسة الضوء على أن هناك حاجة ملحة لاتخاذ تدابير مستهدفة وإصلاحات سياسية لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في مصر. ومن أجل استعادة الاستقرار المالي الكلي، وقعت الحكومة المصرية بالفعل العديد من الاتفاقيات الجديدة التي أدت إلى زيادة تدفق العملات الأجنبية ورأس المال. وإلى جانب تنفيذ سياسات الاقتصاد الكلي الحكيمة وتدابير التعافي، تعمل الحكومة على التخفيف من حدة المشاكل وتخفيف الأثر السلبي لحرب غزة. وتقترح الدراسة توصيات سياسية تشمل تعزيز آليات دعم الفئات السكانية الأكثر احتياجاً، وتنفيذ إصلاحات سوق العمل وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي.