أهم الأخبارمقالات

زين الدين بومرزوق.. رحلة بين دهشة الكتابة وسحر القص 

بقلم الكاتب الجزائرى شدرى معمر على :

الكتابة رحلة شاقة في الزمان والمكان، مكابدة روحية هكذا اختار الكاتب القاص زين الدين بومرزوق طريق الكتابة السردية وكان عشقه وولعه بعوالم القصة الساحرة رغم أنه ابن مدينة تتتفس الشعر مدينة بسكرة فكانت البداية والانطلاقة مع مهرجانها الشعري الوطني محمد العيد آل خليفة الذي كان يجمع الأسماء الإبداعية من مختلف ولايات الوطن فكان الاحتكاك بهؤلاء الكتاب الكبار وخاصة الناقد عبد الله ركيبي الذي أخذ بيده وشجعه فنشر أول قصة قصيرة ” معذرة يا أمي ” بجريدة النصر سنة 1981 بملحقها الثقافي وتوالت الأعمال بعد ذلك فنشر في مختلف الصحف والمجلات  الوطنية كجريدة الشعب واضواء والمجاهد الاسبوعي ومجلة آمال والخبر والمساء وغيرها من الجرائد..
وفي بداية التسعينيات خاض تجربة النشر مع رابطة إبداع الوطنية التي كان يرأسها الإعلامي والكاتب طاهر يحياوي فكان أول إصدار له ” قراءات نقدية في القصة القصيرة الجزائرية المعاصرة ” ..ثم جاء الإصدار العمل الثاني مجموعة قصصية ” ليلة أرق عزيزة ” ..عن دار هومة ثم مجموعة ” تشكيل في ذاكرة العين ” عن الجاحظية التي كانت مكان إشعاع ثقافي في عهد الروائي الطاهر وطار رحمه الله و أسكنه فسيح جناته..بعدها اصدر مجموعته الثالثة ” الحجر المقدس ” عن اتحاد الكتاب الجزائريين بمناسبة السنة الثقافية الجزائرية بفرنسا و حملت عنوان قصة نالت المرتبة الأولى للمسابقة الوطنية التي نظمتها وزارة الثقافة سنة 2000 حول الأدب الإفريقي بمناسبة انعقاد دورة للقمة الإفريقية بالجزائر..
وفي المجموعة الرابعة ” معذرة يا بحر ” ينتقل القاص المبدع زين الدين بومرزوق إلى تجربة جديدة يرتبط فيها بالمكان خاصة مدينة عنابة، بونة الساحرة التي اشتغل فيها لسنوات كرئيس دائرة وفاء لهذه المدينة و تقديرا للأحبة الذين التقاهم كانت مجموعة ” معذرة يا بحر ” فحضور المكان في القصة ليس غريبا عن الكتاب لأن القصة في جوهرها ترصد الواقع…

يقول القاص المصري سمير الفيل المتوج مؤخرا بأعلى جائزة عربية في القصة جائزة الملتقى الكويتية عن مجموعته ” دمى حزينة ” في أحد حواراته :

“أنا مدين للمقهى بمراقبة الحياة والناس، وبالفعل أغلب قصصي من المناطق الشعبية التي أعيش فيها وأتجوّل في شوارعها. الواقع يمدّنا كل يوم بأشياء لا تخطر على البال، لكني لا أستسلم للنقل الحرفي، بل أقوم بإزاحة جمالية وإعادة التعبير عن الأشخاص والأحداث “..
ومواصلة لتجربته الجديدة حضور المكان في قصصه تأتي مجموعة ” خمسون درجة تحت الظل ” ومن هذا العنوان الذي يحيلك على عوالم الصحراء حيث يشتد الحر فهذه القصص هي نتاج تجربة الكاتب القاص زين الدين بومرزوق الذي تحيلنا على مدينة أدرار وواحة قورارة التي تظم كل من تينركوك، شروبن، اوقروت، في هذه البيئة الصحراوية التي قضى فيها سبع سنوات ، جسد فيها جماليات البيئة الصحراوية وعوالمها المدهشة، حيث عراقة التاريخ و اصالة الإنسان الصحراوي و الإصغاء إلى همس النخيل وسحر المكان .. وفي مدينة البيض مدينة المقاومة و الرجال الصالحين حسب القاص زين الدين بومرزوق  كانت مجموعة “أخيرا  انهار جبل الثلج ” ثم جاءت تجربة أخرى في فن القصة القصيرة جدا ” قلب مختل عقليا” الذي قراها وقدم لها الأكاديمي والقاص والمترجم السعيد بوطاجين…
ومنذ أيام قليلة أطل علينا الكاتب القاص المبدع زين الدين بومرزوق من تونس الشقيقة بمجموعة قصصية جديدة ” سلفي مع أبي ” عن دار النشر والتوزيع الثقافية التونسية وقدمها لها الروائي التونسي القدير إبراهيم الدرغوثي جاءت هذه المجموعة في 85 صفحة وتضمنت عشرين قصة قصيرة وقصص قصيرة جدا
صدر للقاص زين الدين بومرزوق مجموعة قصصية جديدة موسومة بـ«سلفي مع أبي”، عن دار النشر والتوزيع الثقافية التونسية وقدمها الروائي والكاتب التونسي ابراهيم الدرغوثي.
جاءت المجموعة القصصية الجديدة في 85صفحة وتضمّنت عشرين قصة قصيرة وقصصا قصيرة جدا، تنوّعت عناوينها بين “سلفي مع أبي”، “كذلك الغريب”، “بريكس”، “في حضن ابنتي”..
وفي تقديمه لهذه المجموعة الجديدة للقاص زين الدين بومرزوق” سلفي مع أبي ” اشار  ابراهيم الدرغوثي  أنها تشد القارئ بداية من العنوان الذي يعتبر العتبة الأولى، والتي يدخل من خلالها إلى نصوص المجموعة، ومنذ العتبة الأولى يجد نفسه أمام هذا الحضور للخطاب الحديث في الكتابة الإبداعية العربية، والتي من أُسسها الأولى المزاوجة بين العربية والفرنسية في تناول مواضيع القصص ” ..
المتتبع للتجربة الكتابية لزين الدين بومرزوق التي لم تقتصر على القصة فقط فقد كتب كتبا عن الإدارة ككتاب ” الخدمة العمومية بين تطبيقات النصوص القانونية والواقع ” وكتاب ”

طريق الحرير – حزام الغد بين الجزائر والصين”
لكن يبقى عشقه ووفاءه لفن القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا ولم تستهوه الهجرة إلى الرواية كما فعل كثير من الشعراء والقصاصين فعوالم القصة ستظل تحمل الدهشة و السحر وتعبر بكل صدق عن الواقع بكل تجلياته القاص هو ابن واقعه وبيئته.

زر الذهاب إلى الأعلى